والإجازة أن (يستولي) عليها الملمون ويولي عنها المشركون ونأمن رجعتهم في الحال فتكمل الإجازة بهذه الشروط الثلاثة فإن انخرم شرط منها لم تكمل الإجازة فإذا كان حضور المرد بعد تقضي الحرب وقبل الإجازة فهل يشركونهم فيها أم لا على القوين الماضيين نصاً، وتخريجاً.
والثالث: أن يدركوهم بعد تقضي الحرب وبعد إجازة الغنيمة على ما ذكرنا من صفة الإجازة فلا حق لهم في الغنيمة والجيش أحق بها من المرد.
وقال أبو حنيفة: المرد شركاء الجيش في الغنيمة إذا أدركوهم في دار الحرب وان أحرزت الغنائم ما لم يقتسموها أو يكن الإمام قد باعها ولو كان المرد أسرى لحقوا بالجيش في دار الحرب بعد إجازة الغنائم لم يشركوهم.
واستدل على مشاركة المرد لهم بأنهم جيش اجتمعوا على نفل الغنيمة من دار الحرب، فوجب أن يشركوا فيها قياسا على الحاضرين قبل الحرب: ولأن لما كان الرد مشاركاً وجب أن يكون المرد مشاركاً لأن كلا الغريقين عون وللجيش بهما قوة، ولأن الغنيمة لا تملك إلا بالإجازة إلى دار الإسلام فصار المرد مدركاً لها قبل إجازتهما.
ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" والذي شهدها الجيش دون المرد فوجب أن يكون أحق بهما من المرد.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبان بن سعيد على سرية قبل نجد فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وقد فتحها وأجازها فسأله أن يسهم له ولأصحابه منها فأبى! فدل على اختصاص الجيش بها دون المردء ولأن لحوقهم بالجيش بعد إجازة الغنيمة يمنع مشاركتهم في الغنيمة قياساً على الأسرى ولأن كل غنيمة لا يسهم للأسرى منها لم يسهم للمرد منها قياساً على ما نفل أو أقسم.
وأما الجواب عن قوله: أنهم اجتمعوا على نفل الغنيمة فليس النفل علة في التملك إلا ترى أن الأسرى لو نفلوا لم يتملكوا وكذلك الأجراء على النفل.
وأما استدلالهم بالردء فهم والمراد سواء أن أدرك الوقعة أسهم لهم كالرد وان لم يدرك الرد الوقعة لم يسهم لهم كالمرد.
وأما قوله: إن الغنيمة يمكن إجازتها إلى دار الإسلام فليس للدار تأثيراً في تملكها وإنما تملك بمجرد الإجازة على ما ذكرنا من الشروط المعتبرة والله أعلم بالصواب.
مسألة (١)
قال الشافعي رحمه الله: "ولو أن قائداً فرق جنده في وجهين فغنمت إحدى الفرقتين أو غنم العسكر لم تغنم واحدة منهما شركوهم لأنهم جيش واحد كلهم ردء لصاحبه وقد مضت خيل المسلمين فغنموا بأوطاس غنائم كثيرة وكثر العساكر بحنين
(١) انظر الأم (٣/ ١٩١، ١٩٢).