الذين هم بالجهاد فيه أخص، ولا ينتقل سهمهم من غنائم ثغر المشرق إلى من كان منهم في بلاد المغرب لما فيه من المشقة ليحال كل فريق منهم على غنائم الثغر الذي هي إقليمهم فيكون أسهل كما يحال ثغر كل بلد على ذكواته وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه يفضي إلى إعطاء بعضهم دون بعض، وكلا الأمرين خطأ يخالف نص الآية، وخالف سهم الفقراء في الزكاة من وجهين:
أحدهما: أنه لما جاز إعطاء بعض فقراء البلد دون جميعهم لم يجز ذلك في ذوي القربى، جاز أن يختص بها فقراء ذلك البلد بخلاف ذوي القربى.
والثاني: أنه لما نفل سهم ذي القربى وغنيمة الثغر إلى بلاد الإقليم بخلاف الزكاة وجب نقله إلى جميع الأقاليم بخلاف الزكاة.
والمعنى الذي لأجله وقع الفرق بين الزكاة والغنيمة من هذين الوجهين هو أن هي كل البلاد زكوات وفقراء، فجاز أن يحال فقراء كل بلد على زكواته وليس لكل بلد غنيمة ولا في كل بلد ذوي القربى، فلذلك اشترك جميع ذوي القربى في جميع الغنائم حتى لا يختص بها بعضهم دون بعض والله أعلم.
مسألة (١)
قال الشافعي رحمه الله:"ويفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله تعالى على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام يحصون ثم يوزع بينهم لكل صنف منهم سهمه لا يعطى لأحدٍ منهم سهم صاحبه".
قال في الحاوي: وهذا كما قال وإذا قد مضى الكلام في سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم ذي القربى من الخمس: انتقل الكلام إلى باقي السهام وهي ثلاثة أسهم لثلاثة أصناف: سهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لبني السبيل على ما تضمنته الآية من قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١].
فأما اليتامى فهم الذين مات آباؤهم، وان بقيت أمهاتهم فيكون اليتم بموت الآباء دون الأمهات لاختصاص الآباء بالنسب فاختصوا باليتم، وسموا بذلك لغة لتفردهم بموت الآباء دون الأمهات كما يقال درة يتيمة لتفردها عن أن يكون لها نظير ثم يعتبر فيهم مع فقد الآباء شرطان آخران: هما الصغر والإسلام، فأما الإسلام فيعتبر فيهم شرعا لا لغة؛ لأن اليتيم يعم مسلمهم ومشركهمء إنما خص الشرع بهذا الهم من كان منهم مسلماً لأمرين: