والثاني: أنه يجوز أن يجتهد الإمام برأيه في التسوية والتفضيل.
والثالث: أنه يجوز أن يجمح لهم بين سهمهم من الخمس وبين سهمهم من الزكاة.
وعلى الوجه الثالث: أنه يخص به بنو السبيل من المجاهدين؛ فعلى هذا يتعلق عليه الأحكام الثلاثة:
أحدها: أنه يجب أن يفرق في جميعهم ولا يخص به بعضهم؛ فعلى مذهب الشافعي يفرق في بني السبيل في الإقليم كلها، وعلى مذهب أبي إسحاق المروزي يفرق بني السبيل في إقليم الثغر المغنوم فيه.
والثاني: أنه يسوي بين جميعهم فيه تقسيطاً على مسافة أسفارهم فيكون تسوية بينهم في الباطن وان تفاضلوا في الظاهر، ومن هذا الوجه باينوا المساكين الذي يسوي بينهم في الظاهر والباطن.
والثالث: أنه لا يجمع لهم بين سهم من الخمس وبين سهم من الزكاة، وتميز بنو السبيل في الخمس عن بني السبيل في الزكاة، فعلى هذا لو أن شخصاً جمع بين المسكنة وبين كونه ابن السبيل أعطى بأي السببين شاء ولا يكون أحدهما أخص به من الأخر ولا يجمح له بين الأمرين والله أعلم.
مسألة (١)
قال الشافعي: "فقد مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - فاختلف أهل العلم عندنا في سهمه فمنهم من قال: يرد على أهل السهمان الذين ذكرهم الله تعالى معه لأني رأيت المسلمين قالوا فيمن سمي له سهم من الصدقات فلم يوجد رد على من سمي معه وهذا مذهب يحسن. ومنهم من قال: يضعه الإمام حيث رأى على الاجتهاد للإسلام وأهله. ومنهم من قال: يضعه في الكراع والسلاح والذي أختار أن يضعه الإمام في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر أو إعداد كراع أو سلاح أو إعطاء أهل البلاء في الإسلام نفلاً عند الحرب وغير الحرب إعداداً للزيادة في تغرير الإسلام وأهله على ما صنع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه أعطى المؤلفة ونفل في الحرب وأعطى عام حنين نفراً من أصحابه من المهاجرين والأنصار أهل حاجة وفضل وأكثرهم أهل حاجة ونرى ذلك كله من سهمه والله أعلم ومما احتج به الشافعي في ذوي القربى أن روى حديثاً عن ابن أبي ليلى قال: لقيت عليا رضي الله عنه فقلت له بأبي وأمي ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس؟ فقال علي: أما أبو بكر رحمه الله فلم يكن في زمانه أخماس وما كان فقد أوفانا، وأما عمر فلم يزل يعطيناه حتى جاءه مال السوس والأهواز أو مال: مال فارس. الشافعي يشك وقال عمر في حديث