للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن قدمك منهم على نفسه لم أمنعه فأما أنا وبنو عدى فنقدمه إن أحببت على أنفسنا. قال: فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر ففصل بهم بن بني عبد مناف وأسد بن عبد العزى وشجر بين بني سهم وعدي شيء في زمان المهدي، فافترقوا فأمر المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمع لسابقة فيهم: فإذا فرغ من قريش بدئت الأنصار على العرب لمكانهم من الإسلام. قال الشافعي؛ الناس عباد الله فأولاهم أن يكون مقدماً أقربهم بخيره الله تعالى لرسالته ومستودع أمانيه وخاتم النبيين وخير خلق رب العالمين محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال الشافعي: ومن فرض له الوالي من قبائل العرب رأيت أن يقدم الأقرب فالأقرب منهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فماذا استووا قدم أهل السابقة على غير أهل السابقة ممن هو مثلهم في القرابة".

قال في الحاوي: وإذا كان وضح الديوان مأثورا قد عمل الأئمة الراشدون ولم يجد الإمام منه يداً فقد اخلف في تسميته بالديوان. فقال قوم: لأن كسرى أطلع يوماً على كتابه وهم منحتون مع أنفسهم فقال: ديوانه أي مجنون فسمى وضع جلوسهم ديواناً.

وقال آخرون: سمي ذلك لأن الديوان اسم السلاطين فسمي الكتاب باسمهم لوصولهم إلى غوامض الأمور وضبطهم الشاذ وجمعهم المتفرق ثم سمي موضع جلوسهم باسمهم فقيل ديوان، فإذا أراد الإمام أن يضح ديوان الجيش قدم فيه العرب على العجم لما فضلهم الله به من رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قال الشافعي (١): الناس عباد الله وأولاهم أن يكون مقدماً أقربهم فخيره الله لرسالته ومستودع أمانته وخاتم النبيين وخير خلق رب العالمين محمد - صلى الله عليه وسلم - فإذا أراد تقديم العرب قدم منهم قريشاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قدموا قريشاً ولا تتقدموها" (٢) ثم من يليهم من بطون قريش بحسب قرب آبائهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فأقربهم إليه نسباً بنو هاشم وضم إليهم بنو المطلب لقوله - صلى الله عليه وسلم - أن بني هاشم وبني المطلب كالشيء الواحد وشبك بن أصابعه لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام.

وروي أن عمر رضي الله عنه لما أراد وضع الديوان، قال: بمن أبدأ؟ فقال له بعض الحاضرين: ابدأ بنفسك يا أمير المؤمنين، إما على عادة الفرس في تقديم الولاة، وإما لتخيير عمر فيما يفعله. فقال عمر رضي الله عنه. اذكرتني بأن أبدأ ببني هاشم، فإني حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معطيهم وبني المطلب، فكان إذا كانت السن في الهاشمي قدمه على المطلبي، وإذا كانت في المطلبي قدمه على الهاشمي، فوضع ديوانه على ذلك وأعطاهم عطاء القبيلة الواحدة ثم استوت له عبد شمس ونوفل من قدم النسب لأن عبد


(١) انظر الأم (٤/ ٦٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>