وأما حلف الفضول فهو حلف عقدته أيضا قبائل من قريش على نحو ما ذكرنا في حلف المطيبين وكان سببه ما حكاه الزبير بن بكار: أن قيس بن شيبة السلمي باع متاعاً على ابن أبي حلف الجمحي فلواه وذهب بحقه، فاستجار عليه بني جمح فلم يجيروه فقام قيس منشداً فقال:
يا آل قصي كيف هذا في الحرم وحرمة البيت وأخلاق الكرم
أظلم لا يمنع من ظلم
فجددوا لأجله حلف الفضول في دار عبد الله بن جدعان على رد الظلم بمكة، وإن لا يظلم بها أحد إلا منعوه ودخل في الحلف بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة وبنو تيم وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ معهم وذلك قبل النبوة، وهو ابن خمس وعشرين سنة فروت عائشة رضي قال الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلف الفضول، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت وما أحب أن يكون لي حمر النعم، واني كنت نقضته" وما يزيده الإسلام إلا شدة، ولم يدخل بنو عبد شمس فيه. واختلف في تسميته بحلف الفضول فقال قوم: لما فيه من الأخذ بالفضل.
وقال آخرون: لأن قريشاً وسائر الأحلاف كرهوه فعابوا من دخل فيه ونسبوهم إلى الفضول. فسمي بحلف الفضول.
وقال آخرون: بل سمي حلف الفضول لأنهم تحالفوا على مثل ما تحالف عليه قوم من جرهم فيهم الفضل وفضيل وسمي بإضافته إليهم حلف الفضول، فهذا الكلام من ترتيب بني قصي، ثم انفرد، بعدهم بنو زهرة أخو قصي وهما ابنا كلاب، وليس له عقب من غيرهما، وقد روى الأوزاعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ضريح قريش ابنا كلاب" يعني قصي وزهرة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينسب إليهما لأن أباه من قصي، وأمه من زهرة، ثم استوت له بعد بني كلاب بنو تيم وبنو مخزوم لأن تيماً ومخزوماً أخو كلاب وجميعها بنو مرة بن كعب فقدم بني تيم على بني مخزوم لأربعة أمور:
منها السابقة لأبي بكر لأنه منهم.
ومنها لأنهم أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن عائشة منهم.
ومنها لأنهم من حلف المطيبين.
ومنها لأنهم من حلف الفضول.
ثم استوت لهم بعد ذلك بنو عدي وبنو سهم وبنو جمح لأنهم إخوة مرة وجميعهم بنو كعب بن عامر فقيل له: ابدأ ببني عدي وهم قومه، فقال: بل أقر نفسي حيث كنت، فإن الإسلام دخل وأمرنا وأمر بني سهم واحد ولكن انظروا بين بني جمح وبني سهم فقيل إنه قدم بني جمح ثم دعا بني سهم وكان ديوان عدي وسهم مختلطاً كالدعوة الواحدة فلما بلغت إليه دعوته كبر تكبيرة عالية ثم قال: الحمد لله الذي أوصل إلي حظي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دعا بني عامر بن لؤي بن غالب، وكان أبو عبيدة بن الجراح حاضراً وهو من