للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته فاقة أو حاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن به فاقة أو حاجة فحلت له المسألة حتى يصيب سداداً من عيش وقواماً من عيش ثم يمسك ورجل أصابته جائعة فاحتاجت ماله فحلت له الصدقة حتى يصيب سداداً من عيش أو قواماً من عيش ثم يمسك وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت" قال الشافعي رحمه الله: "فبهذا قلت في الغارمين وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تحل له المسألة في الفاقة الحاجة" يعني والله أعلم من سهم الفقراء والمساكين لا الغارمين وقوله حتى يصيب سداداً من عيش" يعني والله أعلم اسم الغنا ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة؛ لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني" فبهذا قلت يعطى الغازي والعامل وإن كانا غنيين والغا رم في الحمالة على ما أبان عليه السلام لا عاماً".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: والغارمون صنف من أهل الصدقات، قال الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:٦٠] فجعل لهم من الصدقات سهماً وهو صنفان: صنف أدانوا في مصالح أنفسهم، وصنف أدانوا في مصالح غيرهم، فأما من أدان في مصلحة نفسه فعلى ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون قد أدان في حق.

والثاني: في بتذير.

والثالث: في معصية.

فأما الأول وهو أن يكون قد أدان في حق فكر جل أدان في جوائح إصابة أو نفقات لزمته أو معاملات أضرت أو زكوات وجبت وحج أدى وفرض قضى إلى ما جرى مجرى ذلك من واجبات أو مباحات فيجوز أن يدفع إلى من صار بها غارماً من سهم الغارمين إذا كان فقيراً، فأما إن كان غنياً فلا يخلو ماله من أن يكون ناضاً أو عقاراً فإنه كان ماله ناضاً كالذهب والورق وعروض التجارات فلا يجوز أن يدفع إليه من سهم الغارمين لأنه مستغن عن المعونة على قضاء دينه، ولأنه قل ما يخلو موسر من دين فيجعل كل الموسر من الغارمين، وإن كان ماله عقاراً من دور وضياع كفى أثمانها بدينه ففي جواز إعطاءه من سهم الغارمين قولان:

أصحهما: وهو المنصوص عليه في هذا الموضع وأكثر كتبه أنه لا يجوز أن يعطى لأنه قادر على قضاء دينه كالموسر بمال ناض.

والثاني: قاله في القديم وحكي عنه في كتاب "الأم" أنه يجوز أن يعطى، لأن العاجز عن قضاء الدين إلا من عقار مستقاً هو بالمعسرين أشبه عنه بالموسرين فاقتضى أن يكون من حملة الغارمين.

وأما القسم الثاني: وهو أن يكون قد أدان في تبذير كرجل بذر في الشهوات

<<  <  ج: ص:  >  >>