للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهلها، وهو معنى قول الشافعي: "فكما لا يدخلون على غيرهم فكذلك لا يدخل عليهم غيرهم"، ودل الشافعي بهذا على أن الصدقة إذا فضلت عن كفاية بعضهم فاحتاج إليها الباقون أنها لا تنقل عنهم تعليلاً بأنهم لما لم يدخلوا على غيرهم في صدقة أخرى لم يدخل عليهم غيرهم في الفاصل من صدقات بعضهم، وهذا تعليل صحيح.

فإن قيل: فما الفرق بين ما يعطيه العامل وبين ما يعطيه رب المال.

قيل: الفرق بينهما أن رب المال يعطى بعض الصدقات فجاز أن يعطى الأخذ من صدقة أخرى، والعامل يعطى جميع الصدقات فلم يجز أن يعطي الأخذ من صدقة أخرى، والله أعلم.

مسألة (١)

قال الشافعي: "وإن استغنى أهل عمل ببعض ما قسم لهم وفضل عنهم فصل رأيت أن ينقل الفضل منهم إلى أقرب الناس بهم في الجوار".

قال في الحاوي: إذا استغنى أهل ناحية ببعض صدقاتهم ووجب نقل فاضلها إلى أقرب البلاد بهم، لأنه لا حق لهم فيما فضل عن كفاياتهم فكان أقرب الناس بهم أحق بها من غيرهم فلو قرب منهم بلدان، فإن كان أحدهما أقرب إليهم من الأخر كان أقرب البلدين أولى من أبعدهما سواء كان الأقرب مصراً أو قرية، وإن كانا في القرب سواء نظر في العامل في الصدقة، فإن كانت مع رب المال كان بالخيار في إخراجها في أي البلدين شاء، وإن كانت مع الوالي كان عليه أن يخرجها في البلدين معاً، أن على الوالي أن يعم وليس على رب المال أن يعم، ولو تساويا في القرب إليهم قربة وبادية استويا في الاستحقاق، وكانا كالبلدين المتساويين في القرب سواء كانا في جهة واحدة أو في جهتين من عمل واحد أو من عملين إلا أن يكون أحد البلدين من ولاية هذا العامل والآخر من غير ولايته فيكون البلد الذي هو في ولايته أولى بنقل هذا الفاضل إليهم من البلد الذي ليس فيه ولايته.

مسألة (٢)

قال الشافعي: "ولو ضاقت السهمان قسمت على الجوار دون النسب وكذلك إن خالطهم عجم غيرهم فهم معهم في القسم على الجوار فإن كانوا أهل بادية عند النجعة يتفرقون مرة ويخطلطون أخرى فأحب إلي لو قسمها على النسب إذا استوت الحالات، وإذا اختلفت الحالات فالجوار أولى من النسب وإن قال من تصدق إن لنا فقراء على غير هذا الماء وهم كما وصفت يختلطون في النجعة قسم بين الغائب والحاضر ولو كانوا بالطرف من باديتهم فكانوا ألزم له قسم بينهم وكانت كالدار لهم وهذا إذا كانوا


(١) انظر الأم (٣/ ٢٣٧).
(٢) انظر الأم (٣/ ٢٣٧، ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>