للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرب المال أن يقتصر في كل صنف على ثلاثة فصاعداً، فالفرق بينهما قد ذكرناه وهو أن العامل يقسم جميع الصدقات، فلزمه أن يعم بها جميع أهل السهمان، ورب المال يقسم بعض الصدقات فجاز أن يقتصر على بعض أهل السهمان.

والثاني: أن على العامل أن يقسم سهم كل صنف على قدر حاجاتهم، ولا يجوز أن يساوي بينهم مع تفاضلهم في الحاجة ولا أن يفاضل بينهم مع تساويهم في الحاجة، ورب المال يقسم ذلك على خياره مع تسوية وتفضيل، ولا يلزمه أن يقسمه بينهم على قدر الحاجة والفرق بينهما أن العامل لما لزمه أن يعم جميع أهل السهمان لم يلزمه التسوية بينهم بحسب الحاجة، وكان على خياره في قدر العطاء كما كان على خياره في تميز العطاء فإذا ثبت الفرق بين هذين الوجهين فقد مضى الكلام فيما يتولاه العامل؛ فأما رب المال فلا يجوز أن يقتصر من الصنف الواحد على أقل من ثلاثة، إذا وجدوا؛ لأن الله تعالى ذكر كل صنف بلفظ الجمع المطلق وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:٦٠] وأقل الجمع ثلاثة فرقاً بين الجمع والتثنية، فأما الجمع بين الأصناف كلهم فيستوي فيه العامل ورب المال فلا يجوز لرب المال أن يخل بصنف منهم إذا قدر عليه في بلده كالعامل، والفرق بين هذا وبين أن لا يلزمه استيعاب كل صنف بخلاف العامل، لأن الله تعالى جعل كل زكاة لجميع الأصناف ولم يجعلها الجميع كل صنف فإذا تقرر أن الواجب عليه أن يعطي ثلاثة من كل صنف بالخيار بين التسوية بينهم والتفضيل اعتباراً بالحاجة، فأي هذه الثلاثة فعلى أجزأه، فإن قسمها على اثنين مع وجود الثالث ضمن حصة الثالث وفي قدر ما ضمنه، قولان:

أحدهما: ثلث ذلك السهم وهو المنصوص عليه في هذا الموضع اعتباراً بالتسوية عند ترك الاجتهاد في التفضيل.

والثاني: يضمن أقل ما يجزئ اعتباراً بما جعل من الخيار والله أعلم بالصواب.

مسألة (١)

قال الشافعي: "وإن أعطى قرابته من السهمان ممن لا تلزمه نفقته كان أحق بها من البعيد منه وذلك أنه يعلم من قرابته أكثر مما يعلم من غيرهم وكذلك خاصته ومن لا تلزمه نفقته من قرابته ما عدا ولده ولا يعطى ولد الولد صغيراً ولا كبيراً زمناً ولا أخاً ولا جداً زمين ويعطيهم غير زمني لأنه لا تلزمه نفقتهم إلا زمني".

قال في الحاوي: قد ذكورا أن أقارب صاحب المال من مناسبه وذوي رحمه أولى بزكاة ماله من الأجانب، وإذا كان كذلك فهم ضربان: ضربة تجب نفقاتهم، وضرب لا تجب.

فأما من تجبه نفقته بفقره وزمانته من أقاربه فهم الوالدون والمولودون؛ فالوالدون الآباء، والأمهات والأجداد من قبل الآباء والأمهات.


(١) انظر الأم (٣/ ٢٣٩، ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>