للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة (١)

قال الشافعي: "وإذا كان فيهم غارمون لا أموال لهم فقالوا أعطنا بالغرم والفقر قيل لا إنما تعطيكم بأي المعنيين شئتم فإذا أعطيناه باسم الفقر فلغرمائه أن يأخذوا مما في يديه حقوقهم وإذا أعطيناه بمعنى الغرم أحببت أن يتولى دفعه عنه ولا فجائز كما يعطى المكاتب فإن قيل: ولم لا يعطى بمعنيين؟ قيل: الفقير مسكين والمسكين فقير يجمعهما اسم ويتفرق بهما اسم فلا يجوز أن يعطى إلا بأحد المعنيين ولو جاز ذلك جاز أن يعطى رجل بفقر وغرم وبأنه ابن سبيل وغاز ومؤلف فيعطى بهذه المعاني كلها فالفقير هو المسكين ومعناه أن لا يكون غنياً بحرفة ولا مال فإذا جمعا معاً فقسم لصنفين بهما لم يجز إلا أن يفرق بين حاليهما بأن يكون الفقير الذي بدئ به أشدهما فقراً وكذلك هو في اللسان".

قال في الحاوي: وصورتها في رجل من أهل الصدقات جمع بين سببين يستحق بكل واحد منهما فيهما كغارم فقير، وعامل مسكين طلب أن يطعى بالفقر أو بالغرم أو بالعمالة والمسكنة فالذي نص عليه الشافعي في هذا الموضع، وأكثر كتبه أنه لا يجوز أن يجمع له بهما ولا يعطى إلا بأحدهما وقال في كتاب فرض الزكاة من قسم الصدقات: أنه يجوز أن يعطى بالسببين، فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب:

أحدهما: وهو قول أبي حامد الإسفراييني وكثير من البغداديين أن ذلك على قولين لاختلاف نصه في الموضعين.

أحد القولين: أنه لا يجوز أن يعطى إلا بأحد السببين، وهذا هو الأشهر قوله، والأصح من مذهبه لئلا يؤدي ذلك إلى الأخذ بجميع الأسباب كما لا يورث المجوس إذا اجتمعت له قرابتان إلا بأحدهما.

والقول الثاني: يجوز أن يعطى بهما معا؛ لأنه لما جاز أن يأخذ بالسبب الواحد إذا انفرد به جاز أن يأخذ بالسببين إذا اجتمعا فيه، وكما يجوز أن يورث الزوج إذا كان ابن عم لها بالسببين.

والثاني: قاله أبو حامد المروروذي جمهور البصريين: أن ذلك على قول واحد لا يعطى إلا بأحدهما ولا يجمع له بينهما وما قاله في فرض الزكاة من جواز إعطاءه بالسببين محمول على أنه من زكاتين.

والثالث: أنه يجوز أن يعطى بالسببين إذا اختلفا ولا يجوز أن يعطى بهما إذا اتفقا فاختلافهما أن يكون أحدهما لحاجته إلينا، والآخر لحاجتنا إليه كالعامل إذا كان فقيراً والغازي إذا كان مسكيناً، واتفاقهما أن يكونا معاً لحاجته إلينا كالفقير إذا كان غارماً والمسكين إذا كان مكاتباً، كما أنه لا يورث أحد بسببين متفقين كغرضين أو نصيبين


(١) انظر الأم (٣/ ٢٤١، ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>