للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة (١)

قال الشافعي رحمه الله: "وإن لم يكن رقاب ولا مؤلفة ولا غارمون ابتدئ القسم على خمسة أسهم أخماساً على وصفت فإن ضاقت الصدقة قسمت على عدد السهمان ويقسم بين كل صنف على قدر استحقاقهم ولا يعطى أحد من أهل سهم وإن اشتدت حاجته وقل ما يصيبه من سهم غيره حتى يستغني ثم يرد فضل إن كان عنه ويقسم".

قال في الحاوي: وهذه مسألة قد مضت، فذكرنا أن أهل السهمان ثمانية أصناف فإن كملوا قسمت الزكاة أثماناً بينهم متساوية، وإن عدموا نقلت إلى أقرب البلاد بهم، وإن وجد بعضهم قسمت على من وجد منهم، وسقط سهم من عدم إلا الغزاة فإنهم يسكنون الثغور فينقل إليهم سهمهم إن كان الإمام هو القاسم لها.

فأما إن كان رب المال هو المتولي لقسمها سقط سهمهم إن عجز عن إيصاله إليهم؛ لأن الإمام يقدر على نقل سهمهم على ما لا يقدر عليه أرباب الأموال فافترق الحكم فيه.

مسألة (٢)

قال الشافعي: "فإن اجتمع حق أهل السهمان في بعير أو بقرة أو شاة أو دينار أو درهم أو اجتمع فيه اثنان من أهل الهماز أو أكثر أعطوه ويشرك بينهم فيه ولم يبدل بغيره كما يعطاه من أوصى لهم به وكذلك ما يوزن أو يكال".

قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا كان مال الزكاة ينقسم قليلة ويتجزأ كالحبوب أعطي كل واحد من أهل السهمان حقه منه ولم يشرك فيه بين اثنين للاستغناء عن الشريك، وإن كان مما لا يتجزأ، كالإبل، والبقر، والغنم فإن اتسعت الصدقة أن ينفرد كل واحد منهم ببعير له أو بقرة أو شاة لم يشرك بينهم وأفرد كل واحد منهم بحقه وإن ضاقت الصدقة عن ذلك جاز أن يشرك الجماعة في البعير الواحد أو البقرة أو الشاة الواحدة سواء كانت الجماعة من صنف واحد أو أصناف بعد أن يبين حصة كل واحد منهم فيه؛ لأن التفضيل بينهم بحسب الحاجة معتبر من جهة العامل وغير معتبر من جهة رب المال، فإن لم يبين حصة كل واحد كانوا في الظاهر شركاء بالسوية فلم يجز أن يباع ذلك ويقسم عليهم ثمنه قبل أن يملكه إياهم، لأن القيم في الزكاة لا تجزئ، وسواء كان القاسم رب المال أو العامل، لأنهم أهل رشد لا يولى عليهم بعجز أرباب السهام إلا أن تدعو العامل الضرورة إلى بيعه، وإما لعطب الحيوان وخوفه من تلفه، وإما لبعد المسافة وإحاطة مؤونة نقله بجميع قيمته فيجوز له في هاتين الحالتين بيعه للضرورة، وقسم ثمنه فيهم، ولا يجوز ذلك لرب المال بحال لثبوت الزكاة في ذمة رب المال دون العامل وأن


(١) انظر الأم (٣/ ٢٤٢).
(٢) انظر الأم (٣/ ٢٤٢، ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>