لا يجوز إعارة الشاة، ولكن يجوز أن يمنح قال الشافعي: والمنحة أن يدفع الرجل ناقته أو شاته إلى رجل ليحلبها ثم يردها فيكون اللبن ممنوحاً ولا ينتفع منها بغير اللبن، وقد روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قال:"المنحة أفضل الصدقة تغدو بإناء وتروح بآخر"(١)، وقال القاضي الطبري: أطلق أصحابنا أنه لا يجوز إعارة الشاة وعندي يجوز ولا ينبغي أن يكون فيها اختلاف ثم فسر بما ذكرنا من المنحة والأولى ما قاله أصحابنا لأن إباحة اللبن لا تسمى عارية.
فرع آخر
لا يجوز استعارة الجواري للخدمة في الجملة، وهل يكره؟ فإن كان المستعير امرأة أو محرماً لها لا يكره، وإن لم يكن محرماً لها فإن كانت موسومة بالجمال يكره أن يخلو بها في الاستخدام خوفاً من غلبة الشهوة، وإن كانت ممن لا يشتهى لكبرها أو وحشتها لم يكره لأنه يؤمن عليها، ومن أصحابنا من قال: إذا كانت شابة يخاف منه عليها لا تجوز الإعارة منه وتحرم وهذه الكراهة كراهية تحريم وقيل: يكره مطلقاً من غير فرق بين الشابة والكبيرة لئلا يخلو الرجل بالمرأة فيدخل الشيطان بينهما.
فرع آخر
لا يجوز إعارتها للاستمتاع بحالٍ، فإن أعارها للخدمة فوطئ المستعير فإن كان جاهلاً بالتحريم [٦/ب] لا يلزمه الحد ويلزمه المهر ويلحق به النسب والولد حر وعليه قيمته لسيدها، وإن كان عالماً بالتحريم فهو زناً، وهكذا لو أعارها للاستمتاع ووطئها، وقال داود: لا يلزمه الحد وهذا غلط لأنه حرام محض لا شبهة فيه.
فرع آخر
يكره أن يعير العبد لخدمة ولاه لأنه يكره للإنسان أن يستخدم أباه أو أمه، ولو أعار منه صحت العارية، وإن أراد أن يستعيره ليرفهه ولا يستخدمه لا يكره بل يستحب ذلك، وكذلك حكم الأجداد والجدات ولا يعتق عليه بالعارية بحال لأنه لا يملك بها رقبة المال.
فرع آخر
لو استعار رجلاً من حلال من محرم صيدا فقتله أو تلف في يده نظر، فإن كان المحرم اصطاده في حال إحرامه لم يجب على المستعير شيء ويجب على المعير الجزاء، وإن كان اصطاده قبل إحرامه فإن قلنا: يزول ملكه بالإحرام فالحكم ما ذكرنا ولا يجوز إعارته، وإن قلنا: لا يزول ملكه عنه فعليه قيمته لصاحبه ولا جزاء على الحلال ولا على المحرم لأن المحرم على هذا القول لم يمنع من إمساكه وإنما منع من إتلافه ولم يتلفه. ويجوز إعارته منه فلم يلزمه الجزاء وهذه العارية تتصور في حمار