وقال أبو حنيفة ومالك: لا يضمن هذا النقصان إلا أن يطالبه بالرد وقت الزيادة فيمتنع وهذا غلط لأنها زيادة في عين المغصوب فيضمنها كما لو طالبه بردها فلم يردها مع الإمكان، فإذا تقرر هذا لو كانت قيمتها مائة فسمنت فبلغت قيمتها ألفاً ثم تعلمت القرآن فبلغت قيمتها ألفين ثم ذهب السمن ونسيت القرآن فعادت قيمتها إلى مائة ردها ورد معها ألفاً وتسعمائة، ولو زادت ثم نقصت ثم زادت ثانياً لم تخل الزيادة من أحد أمرين إما أن تكون من جنس الأولى أو من غيرها، فإن كانت من غيرها بأن سمنت فبلغت ألفاً ثم هزلت فعادت إلى مائة ثم تعلمت القرآن فصارت قيمتها ألفاً ردها بحالها ورد معها تسعمائة لأن هذه الزيادة غير التي ذهبت وهكذا لو تعلمت فبلغت ألفاً ثم نسيت فعادت إلى مائة ثم سمنت فعادت إلى ألف ردها وضمن ما نقص، وان كانت الزيادة (١٩ لم أ) من جنسها مثل أن سمنت فبلغت ألفا ثم هزلت فعادت إلى مائة ثم سمنت فبلغت ألفاً ردها بحالها وهل يلزمه ما نقص؟ وجهان:
أحدهما: يلزمه ذلك لأن هذه الزيادة غير الأولى فهي كالجنسين وصار كما لو ولدت المغصوبة ولداً فمات في يد الغاصب، ثم ولدت ولدا آخر لزمه ردها مع ولدها ويلزمه قيمة الولد التالف.
والثاني: لا يلزمه شيء، لأن ما قدرناه تالفاً قد عاد فعلى هذا إن عادت فبلغت قيمتها ألفا أو أكثر ردها ولا شي، عليه، وإن عاد إليها بعض ما ذهب منها سقط بقدر ما عاد إليها وضمن ما بقي، وقال القاضي الطبري: هذان الوجهان مبنيان على القولين فيمن أتلف سن من قد ثغر ودفع الأرش ثم نبت السن هل يسترد الأرش؟ قولان وعلى هذا إذا كانت سمينة فهزلت في يده حتى صارت قيمتها مائة، ثم سمنت فعادت إلى ألف ثم ردها بسمنها هل يلزمه النقصان على الوجهين؟.
فرع
لو تعلمت القرآن فبلغت قيمتها ألفاً ثم نسيت فعادت قيمتها إلى مائة، ثم تعلمت القرآن الذي نسيت فبلغت قيمتها ألفا ردها بحالها وهل يلزمه النقصان؟ من أصحابنا من قال: فيه وجهان أيضاً، ومن أصحابنا من قال: ها هنا وجه واحد أنه لا يلزمه النقصان لأنه يعود العلم الذي كان بخلاف السمن العائد فإنه غير العين الأول قال هذا القائل: ولهذا لو مرض العبد في يد الغاصب ثم برئ لا يضمن ما نقص، وكذلك لو حملت الجارية ونقصت قيمتها بالحمل ثم وضعت وعادت قيمتها إلى ما كانت لا يضمن نقص الحمل، ولو تعلمت غير ما نسيت حتى رجعت قيمتها إلى ما كانت لا يزول ذلك الضمان وجهاً واحداً، ومن أصحابنا من قال في السمن إذا عاد لا يزول الضمان السابق بالهزال قولاً واحداً وفي مسألة التعليم وجهان وهذا اختيار القفال.
فرع آخر
قال ابن سريج تفريعاً على هذا: لو غصب زجاجه تساوي درهماً فاتخذها قدحاً