للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذهبا فلا ضمان وهو منصوص في "الأم" في كتاب اللقطة، وقال في القديم: إذا خل دابة أو فتح قفصاً عن طائر فذهبا فلا ضمان وأطلق وجملته أن فيها مسائل إحداها أن يفتح القفص ويهيجه وينفره أو فتحه ينفره فطار فعليه الضمان قولا واحداً وكذلك في الدابة لأنه ألجأه إلى الذهاب. والثانية أن يفتحه فوقف وقفة ثم طار فلا ضمان عليه قولاً واحداً لأنه نص قوله في كتاب اللقطة وظاهر قوله في القديم، وكذلك الدابة لأن الفتح سبب غير ملجئ والطيران مباشرة وقعت باختيار الطير وإذا اجتمع السبب والمباشرة في الإتلاف ولم يكن السبب ملجئاً وتعلق الضمان بالمباشرة اختص بها كما لو حفر بئراً في طريق المسلمين وجاء أخر فطرح فيها حيواناً لإنسان فمات يلزم الضمان على الطارح دون الحافر.

وقال مالك: يضمن، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا قول أخر للشافعي وأنكره أهل العراق، واحتج بأن فتح القفص سبب في إتلافه فضمنه وهذا غلط لما ذكرنا. والثالثة أن لا يقفا عقيب الفتح والحل وذهبا في الحال فظاهر ما نقله المزني أن عليه الضمان لأنه شرط وقوفهما بعد الفتح ساعة [٤٦/أ] في سقوط الضمان فدليله أنهما إذا لم يقفا وذهبا من ساعتهما يجب الضمان.

وقال في "الإفصاح": ذكر الشافعي في هذه المسألة في كتاب اللقطة، وقال: لا ضمان عليه وأطلق والقاضي أبو حامد خالفه في هذه الحكاية، وقال: شرط الشافعي في كتاب اللقطة ذهابهما بعد وقوفهما في سقوط الضمان، وفي الجملة اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: لا ضمان عليه ولا فرق بين ذهاب الطير من ساعة الفتح وبين ذهابه بعد وقوفه، وقال: لا أجعل لكلام الشافعي دليل الخطاب وبه قال أبو حنيفة، وهذا لأن هذا السبب غير ملجئ فأشبه إذا وقف ثم خرج، وقال أكثر أصحابنا وهو اختيار أبي إسحاق وابن أبي هريرة: يلزمه الضمان لاتصاله بالسبب فصاركالإلجاء وهذا ظاهر ما نقل المزني، ومن أصحابنا من قال: إن كان الدنو منه هيجه ضمن وإلا فلا يضمن قولاً واحداً.

فرع

لو أمر طفلاً أو مجنوناً بإرسال طائر في يده فأرسله فطار فهو كفتح القفص عنه أو نفره أو أمر الطفل بتنفيره ضمنه، وإن لم ينفره ولبث زماناً لم يضمنه وإن طار في الحال فيه وجهان.

فرع آخر

لو كان الطائر ساقطاً على برجٍ فنفره بحجر رماه به فطار من تنفيره لم يضمن.

فرع آخر

لو رمى وجل حجراً في هواء فأصاب طير رجل ضمنه عمد أو لم يعمد لأنه ليس له منع الطائر من الطيران في هوائه، بخلاف ما لو دخلت البهيمة داره فمنعها بضرب لا تخرج إلا به لا يضمنها لأن له مع البهيمة من داره.

<<  <  ج: ص:  >  >>