رحمه الله: ينظر، فإن كان الأداء متعيناً عليه بأن طالبه صاحبه فلم يؤده حتى غاب يلزمه دفعه إلى الحاكم إذا لم يقدر على دفعه إليه أو نائبه لأنه قائم مقامه شرعاً، وإن لم يتعين عليه الأداء لا يلزمه دفعه إلى الحاكم ولو دفع هل يبرأ؟ يحتمل أن يقال: لا يبرأ إلا أن يكون هناك سبب يخاف إن أخر أداؤه يفوت قضاؤه فيبرأ حينئذ لأن الحاكم لا يقوم مقام الغائب عند سلامة الحال وإنما يقوم مقامه في حال الضرورة ولهذا لا يجوز للمودع إيداع الوديعة عند الحاكم إذا لم يرد السفر، ويحتمل أن يقال: يبرأ لأنه يلحقه المشقة في إيصاله إلى صاحبه فساغ له الدفع (٦٠/ أ) إلى الحاكم ليبرأ ذمته وهذا أصح عندي.
فرع آخر
إذا كان عليه دين هل يلزمه أداؤه على الفور أو على التراخي؟ يحتمل أن يقال: إن كان وجوبه برضا المالك فهو على التراخي ويتعين أداؤه بالمطالبة أو تخوف منه على ماله فيفوت قضاؤه، وإن كان وجوبه بغير رضا المالك فالقضاء على الفور لأن صاحبه لم يرض بوجوبه في ذمته وهذا لأنه إذا كان برضا المالك فصاحب الدين مندوب إلى أن لا يطالب بالدين، فلو كان وجوب القضاء على الفور لكان مندوباً إلى المطالبة ليخرج من عليه الدين من العصيان بتأخير القضاء ويحتمل أن يقال: إذا كان الوجوب بغير رضاه ينظر، فإن كان صاحبه لا يعلم به لزمه القضاء على الفور، وان كان عالماً به فإن وجب بتعدَّ منه كان على الفور، وان كان بغير تعد وجب على التراخي فالأول مثل الزكاة فإنها على الفور لأن صاحبها لما لم يتعين لم يمكن تقدير وجود الرضا منه، والثاني: كقضاء الصلاة المتروكة بغير عذرٍ، والثالث: كقضاء الصلاة المتروكة بعذر فكما فصلنا في حق الله تعالى هذا التفصيل وجب مثله في حقوق الآدميين وبالله التوفيق.
تم الجزء السادس حسب تقسيم المحقق ويليه إن شاء الله تعالى الجزء السابع