بذلك الثمن أو بغيره كان للشفيع الشفعة، وكذلك لو قال له: وليتك هذا البيع لأنه عقد معاوضة جديدة فيستحق به الشفعة.
فرع آخر
لو وجب له الشفعة فقضى القاضي بها له والشقص في يد البائع ودفع الثمن إلى المشتري فقال البائع للشفيع: لأقلني فأقاله لم تصح الإقالة لأنها تصح بين المتبايعين والشفيع لم يملك من جهته.
فرع آخر
لو كان الثمن عبدًا فأعور في يد المشتري فالبائع بالخيار، فإن رضي بالعور وأمضى البيع أخذه الشفيع بقيمة العبد أعور، وقال أبو حنيفة: يأخذه بقيمته سليمًا وهذا غلط لأن رضاه بعيبه رضَا منه بأنه الثمن بعينه والفرق بين هذا وبين أن يرضى بالزيوف أن عور العبد لما أحدث له خيارًا في فسخ البيع صار العبد الأعور ثمنًا وزيافة الدراهم لا تحدث له [٧١/ ب] خيارًا في فسخ البيع وإنما يستحق بها أخذ بدلها فصار الجيد ثمنًا له فلا يقدر أن يأخذ بالزيوف بل يلزمه الجيد.
مسألة: قال: "فإن طلَّقَها قبلَ الدُّخولِ رَجَعَ عليها بنصفِ قيمةِ الشَّقْصِ".
وهذا كما قال: إذا أصدق امرأته شقصًا ثم طلقها قبل الدخول لا يخلو من ثلاثة أحوال غما أن يكون طلقها بعد ما أخذ الشفيع الشقص، أو بعد ما عفا مع العلم أو قبل أن يعلم بالشفعة ثم علم، فإن كان طلقها بعد ما أخذ الشفيع بالشفعة رجع الزوج عليها بقيمة نصف الشقص لأن ملكها زال عن الصداق فأشبه إذا باعته ثم طلقها، وإن طلقها بعد ما عفا الشفيع عن الشفعة يرجع الزوج في نصف الشقص لأن حق الشفيع سقط والشقص في يدها بصفته، وإن طلقها قبل أن يعلم الشفيع ثم علم الشفيع فالذي نص عليه ان الشفيع أولى، وقد ذكرنا فيه وجهًا آخر أن الزوج أحق لأن حقه ثابت بالنص لأنه إذا طلقها ملك الشقص ولا يحتاج إلى تمليك مستأنف بخلاف الشفيع فإنه يثبت حقه بالبيع ويحتاج إلى تمليك مستأنف.
وقال في "الحاوي": فيه وجهان مخرجان من اختلاف أصحابنا في نصف المهر هل يملكه الزوج بالطلاق أو بالتملك فإن قلنا: بالطلاق كان الزوج أحق وإن قلنا: بالتملك كان الشفيع أحق وعلى هذا لو أفلس المشتري فيه وجهان أحدهما: البائع أولى بعين ماله إذا قلنا: الزوج أحق، والثاني: الشفيع أحق لتقدم حقه إذا قلنا: ها هنا الشفيع أحق من الزوج فعلى هذا هل يقدم بالثمن الذي أخذه من هذا الشفيع على جميع الغرماء؟ وجهان أحدهما: يقدم لأنه بدل من عين ماله التي كان أحق بها، والثاني: الكل سواء لفوات العين التي هو أخص بها.