ملك أحد المعتقين أكثر من ملك الآخر قلنا: قال بعض أصحابنا: في مسألةً العتق قولان أيضًا أحدهما: يقوّم عليهما على التفاوت وهذا غير صحيح والفرق ظاهر وذلك أن العتق يجري مجرى الجنايةً بما له من السرايةً في ملك الشريك فلذلك استويا في التقويم والتغريم وعلى هذا أصل الجنايات، ألا ترى أنه لو جرح رجلًا جراحةً وجرحهُ آخر مائةً جراحةً فمات كانت الديةَ على الجارحين نصفين، وكذلك لو طرح رجل في طعام رجل مقدار درهمٍ من النجاسةً وطرح آخر مائةً درهم من النجاسةً كانا في الغرامةً سواء.
وأما الشفعةً فسبيلها في استحقاقها سبيل التجارات والمعاوضات، ومعلوم أن الأموال إذا جلبت أرباحها وفوائدها كانت الفوائد منقسمةً على مقدار الأصول كالأرباح والأكساب ومهور الجواري وثمار الأشجار ونتاج البهائم كذلك ها هنا ثم قال: المزني: وقد قال الشافعي: ولورثة الشفيع أن يأخذوا ما كان يأخذ أبوهم بينهم على العدد امرأته وابنه في ذلك سواء.
قال أصحابنا: هذا الذي قاله المزني لا يعرف للشافعي في قديم ولا جديد والذي يقتضى مذهبه أن حق الشفعةً موروث كما أن الأعيان موروثةً فيجب أن تأخذ المرأة الثمن ويأخذ الباقي الابن، وقال أبو إسحاق: لو كان الشافعي قال هذا لكان له وجه وهو أن يقال: صورةً المسألةً أن يموت رجل بعد ثبوت الشفعةً له قبل أخذها فانتقلت إلى ورثته امرأةً وابن يستحقان على سواء لأن أول إزالةُ الملك عن المشتري إلى الشفعاء بعد الموت فصارت كشفعةٍ تثبت لهما ابتداء فيكونان فيها سواء وهو أحد القولين، ولأن الورثةَ إنما يستحقون الشفعةً في هذا الشقص من أجل الشقص الآخر الذي ورثوه فكأنهما استحقا ذلك بسبب ملك لهما، فإذا سويّ بين صاحب النصيب القليل وبين صاحب النصيب الكثير على أحد [٧٤/ ب] القولين جاز أن يسوي بين المرأةَ والابن وإن اختلف ميراثهما عن الميت، ويمكن أن يكون المزني انفرد بسماعه من الشافعي ومن قال بالأول قال: هذا لا يصح لأنهما لا يأخذان بالشقص الموروث ألان بل يأخذان الشفعةً لأجل الشقص الذي كان ملكًا للموروث والابن والمرأة ورثا بالشفعةً كما ورثا الشقص.
وقال القاضي الطبري: يمكن أن يقال: هما وإن ورثا الشفعةً فالاستحقاق متعلق بالشقص الموروث، ألا ترى أن من باع منهما حقه من الشقص قبل الأخذ بالشفعةً لم يكن له المطالبةَ بالشفعةً فإذا كان كذلك أمكن نُصرةً ما قاله أبو إسحاق والله أعلم.
ومن أصحابنا من قال: مراد الشافعي بهذه المسألة أن يموت الرجل عن ورثةٍ قبل ثبوت الشفعةَ له ثم ثبتت ببيع بعد موته قبل قسمةَ التركةً وجواب الشافعي على قول التسويةً لأن ابتداءها يثبت لهم وكأن المزني ذهب إلى هذا التأويل والتصوير، وإذا صورنا هذه الصورةً لم تكن المسألةً موضوعه في الشفعةً الموروثةً لأن الميت مات قبل ثبوت الشفعةً بل هي شفعةً تجددت لطائفةٍ مشتركين في إرث ويستفاد من هذا التصوير