الشقص المقوّم ثلاثةَ آلاف درهم احتمل الثلث نصف المحاباةً وهو ثلث الشقص وفيها أربعةَ أوجهٍ حكاها ابن سرج.
أحدها: أنها جائزةً للمشتري وللشفيع لأن المشتري بها فصحت له والشفيع داخل عليه فإنه يأخذ منه لا من المريض، ولأنه يجوز أن لا يجوز له المحاباةً ولكنها تؤول إليه بمعنى آخر كما لا يجوز إقرار العبد بما يوجب المال، ثم لو أقر بجنايةٍ توجب القود فعفا المقر له على مالٍ وجب المال فعلى هذا يأخذ المشتري بثلثي الشقص بألفٍ وللشفيع أخذ هذين الثلثين بأي ويرجع الثلث إلى الورثةً مع ألف الثمن.
قال أصحابنا: هذا هو المذهب وإنما ذكر ابن سريج هذه الأقاويل على عادته في ذكر ما يحتمل المسألةً من الأقاويل وإن لم يخرج على أصل الشافعي ثم تخلص ما يخرج على مذهبه.
والثاني: المحاباةً جائزةً للمشتري دون الشفيع لأن الشفيع ممن لا يصح محاباته وهو بها غير مقصودٍ فعلى هذا يأخذ المشتري ثلثي الشقص بألفٍ وللشفيع أن يأخذ منه ثلثه بألف ويرجع إلى الورثةً الثلث فيصير الشقص أثلاثًا ثلثه للورثةً، وثلثه للمشتري لأنها محاباةً له، وثلثه للشفيع.
والثالث: المحاباة باطلةً لهما لأنها قد تفضي إلى الشفيع الذي لا يصح أن يملكها وهي مقترنةً بالمبيع الذي لا يجوز أن يفرد عنها فعلى هذا للمشتري أن يأخذ ثلث الشقص بالألف وللشفيع أن يأخذ منه بالألف ويرجع الثلثان إلى الورثةَ.
والرابع: أن المحاباةً موقوفةً مراعاةً فإن عفا الشفيع عن شفعته صحت المحاباةً للمشتري وأخذ ثلثي الشقص بالألف رجع الثلث إلى الورثةً، وإن طالب الشفيع بالشفعةً بطلت المحاباةَ للمشتري وأخذ ثلث الشقص بالألف ويأخذ الشفيع منه بالألف ويرجع الثلثان إلى [٧٨/ ب] الورثةً.
ومن أصحابنا من حكي وجهًا خامسًا عن ابن سريج أنه يبطل البيع والشفعةً معًا، وحكي وجهًا سادسًا عنه أيضًا أنه يأخذ الشفيع من المشتري ثلثي الشقص بالألف لأن الشفيع يستحق على المشتري أخذ الشقص بالثمن الذي وقع العقد عليه ثم إذا أخذه يلزمه أن يرد ثلث الشقص على الورثةً لأنها محاباةً حصلت في يده ولا يجوز أن يأخذ من موروثه محاباةً لأنها وصيةً له، وفيه وجه سابع أنه تصح المحاباةً للمشتري ولا شفعةً للشفيع أصلًا لأنه لا يمكن أخذ الكزل ولا أخذ النصف لأنه يؤدي إلى تبعيض الصفقةً على المشتري وذلك لا يجوز فبطلت الشفعةَ أصلًا وبه قال أصحاب أبى حنيفة ولا معول على شيء منها والاعتماد على ما ذكرنا أولًا، وإن كان الشفيع وارث المشتري وهما أجنبيان من البائع صحت المحاباةَ للمشتري واستحق الشفيع المحاباة بشفعتهِ لأنها ليست محاباةً من المشتري ألا تراه يأخذها منه جبرًا بلا اختيار.
فرع آخر
لو قال لأم ولده: إذا خدمت بعد موتي ورثتي سنةً فلك هذا الشقص فخدمتهم سنةً