حصل من الآدمي حمل للمشتري بدل بالضمان، وإذا حصل من الماء لم يحصل للمشتري بدل ذلك وهذا غير صحيح لأنه نص في القديم على أنه لا فرق بينهما وإنما هذا مذهب أبى حنيفةَ رحمه الله.
مسألة: قال: "ولو قاسَمَ وبني قيلَ للشفيع: إن شئت فخذ بالثمن وقيمةٍ البناءِ اليوم، أو دع". [٨٢/ب]
فصل
وهذا كما قال: إذا اشترى شقصًا من قزاز وثبت للشفيع ثم قاسم المشتري وبني فيه قال الشافعي رحمةُ الله عليه! قيل للشفيع إن شئت فخذ الشقص بالثمن وقيمةَ البناء يوم تأخذه لأنه بني وهو غير متعدٍ وقصد به الرد على أبى حنيفةَ حيث قال: ليس على الشفيع أن يغرم قيمةَ البناء ويجبر على قلعه، وبه قال الثوري والمزني وبقولنا قال النخعي ومالك وأحمد وإسحاق والآوزاعي واحتج المزني فقال: هذا الذي قاله الشافعي غلط كيف لا يكون متعديًا وقد بني فيما للشفيع فيه شرك مشاع، ولولا أن الشفيع فيه شركًا ما كان شفيعًا وقال: لا يخلو من أن يكون قسم مع الشريك أو قسم بنفسه فإن قسم بنفسه دون الشريك فالقسمةً فاسدةً والبناء تعدٍ، وإن قسم مع الشريك ولم يطالبه بالشفعةً فقد بطلت الشفعةً وهذا الذي قاله غلط لأنا نقول: غلطت في قولك للشفيع فيه شرك لأن الشرك عبارةً عن الملك في هذا الموضع والشفيع منفرد والملك للمشتري دون الشفيع وليس للشفيع في ذلك الملك شركةً وإنما له سلطان السلب، بدليل أن المشتري لو باعه صح بيعه وملك ثمنه بالإجماع، فلو كان للشفيع فيه ملك أو شرك لما جاز ذلك فإذا بني كان متصرفًا في ملكه فعليه أن يغرم ما نص من قيمةَ البناء، ولأنه لو بني المستعير في البقعةً المستعارةً بناةً ثم كلفه المعير قلع بنائه غرم ما نقص من قيمةً البناء فالباني في ملك نفسه أولى بأن يكون له على الهادم قيمةً بنائه، وأما قوله أن القسمةً فاسدةً قلنا: القسمةً قد تصح مع بقاء الشفعةً من خمسةَ أوجه:
أحدها: أن يكون الشفيع غائبًا وقد وكل في مقاسمةُ شركائه وكيلًا يجوز للوكيل أن يقاسم المشتري لتوكيله في المقاسمةً ولا يطالبه بالشفعةً لأنه ليس بوكيل [٨٣/ أ] فيه.
والثاني: أن يأتي المشتري الحاكم فيسأله المقاسمةً عن الغائب فيجوز للحاكم ذلك إذا كان الشريك بعيد الغيبةً وليس له أن يأخذ بالشفعةً للغائب ويجعل الغائب على حقه من الشفعةً إذا قدم وسجل به سجلًا.
والثالث: أن يذكر المشتري ثمنًا موفورا ثم يعفو أو يقاسم ثم تبين أن الثمن كان أقل فالقسمةَ صحيحةً والشفعةَ ثابتةً والشفيع غير متعدٍ ببنائه لأنه بالكذب متعدٍ في قوله لا في قسمته وبنائه.