للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الرحى، فإن كانت حجرين فإن قسمتها ممكنةً فتثبت فيها الشفعةً، وإن كانت حجرًا واحدًا إلا أن لما بيّنّا لا يستغني عنه الرحى يجعل فيه الطعام وترد البهائم التي تعمل في الرحى إليه وقيمتها واحدةً فإن قسمتها ممكنةً بأن يجعل لواحدٍ فهذه [٨٦/ أ] تثبت فيها الشفعةً، وإن لم يكن لها بيت لم تثبت فيها الشفعةً، وأما الحمام إن كان في بيوت واسعةً يمكن قسمتها ويجعل حمامين وجبت الشفعةَ في نصيب أحدهما، وإن كان ضيقًا لا يحتمل القسمةً فلا شفعةً فيه وبه قال ربيعة ومالك في رواية، وروي ذلك عن عثمان رضي الله عنه، وقال الثوري وأبو حنيفة: تثبت الشفعةً في البئر والرحى والحمام، وإن كانت لا تحتمل القسمةً وهو اختيار ابن سريج ولهذا القول وجه، وإن كان خلاف مذهب الشافعي وهو المشهور عن مالك وهذا لأن الشفعةً لأجل الضرر بالمشاركةً والضرر في هذه الأشياء أكثر لأنه يتأبد ضرره والفتوى على هذا اليوم ووجه قولنا: لا شفعةَ فيها أن إثبات الشفعةً فيها يضر البيع لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعةً في نصيبه بالقسمة ويمتنع المشتري من الشراء خوفًا من الشفيع فلا شفعةً لهذا المعنى.

وقد روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: "لا شفعة في بئر ولا فحل والأزفُ يقطع كل شفعةً" وأراد بالفحل فحل النخل، وأراد إذا كان للقوم نخيل في حائط توارثوها واقتسموها ولهم فحل نخل في أرض الغير يلقحون منه نخيلهم فباع أحدهم نصيبه المقسوم من ذلك الحائط بحقوقه من الفحل وغيره فلا شفعةً للشركاء في الفحل، لأنه لا ينقسم أيضًا كالبئر سواء والأزفُ المعالم والحدود بين المواضع المقسومةً وأحدها أزفةً ويقال: أزثةً بالثاء.

وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ثقال: "لا شفعةً في فناء ولا طريق ولا منقبةً ولا ركح ولا رهوةً" والفناء الساحة المتصلةَ بدور القوم فلا شفعةً فيه لأنه ينقسم والمنقبة، قال أبو عبيد: الطريق الضيق بين الدارين أو بين الدور والنقب الطريق الضيق بين الجبلين، والركح ناحيةُ البيت من ورائه وما كان فضاء لا بناء فيه يعني إذا كان للسابلةَ والمارةً أو لأنه مرفق الدار تابع [٨٦/ ب] لها فلا شفعةً فيه بانفراده، والرهوةً الجوبةً تكون في محلةً القوم يسيل فيها ماء المطر وغيره، وقال ابن أبي أحمد: وفي الرحى والحمام قولان قالهما ابن سريج تخريجًا.

وقال القفال: اختلف أصحابنا في حد ما يحتمل القسمةً فمنهم من قال: حده أن يمكن الانتفاع بكل شقص منه بعد القسمةً على الوجه الذي كان ينتفع به من قبل فعلى هذا لا شفعةً في الرحى والحمام على ما ذكرنا ومنهم من قال: حده أن يمكن الانتفاع به لأنه يمكن الانتفاع ببعض بيوته وساحته من وجهٍ آخر قال: والعبارةَ الصحيحةً عنه أنه إذا كان بحيث لو دعا الدخيل إلى القمةً أجبر عليه الشريك فللشريك فيه الشفعةً لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>