يجتمع فيه قال أبو إسحاق: لا يملك إلا بالإجارة، وإذا خرج من معدنه لم يمنع منه الناس، وقال ابن أبي هريرة: في المعدن مملوك قبل إجارته وله منع الناس منه إذا خرج عن معدنه فعلى هذا هل يكون داخلاً في البيع إذا كان ظاهرًا وقت العقد؟ على ما ذكرنا من الوجهين.
فرع آخر
لو كان المعدن جامدًا كمعادن الصفّر يدخل في البيع ثم ينظر، فإن كانت قسمته ممكنة وتصير كل حصة منه إذا قسمت معدنًا ففيه الشفعة، وإن لم يكن كذلك فلا شفعة.
مسألة: قال: "فأما الطريقُ التي لا تُملَكُ فلا شفعَة فيها ولا بها ".
وهذا كما قال: أراد به الشوارع لا شفعة فيها [٨٧/ ب]، وإن كانت طريقًا إلى الدار المبيعة لأنها غير مملوكة وقوله ولا بها قصد به الرد على أبي حنيفة حيث قال: تثبت الشفعة بالطريق إذا كانت غير نافذة وعندنا لا تثبت به الشفعة في الدار المقسومة بحاٍل، وإن كان الطريق مملوكًا فكيف إذا كان غير مملوك؟
فرع آخر
لو كانت عرصة يحيط بها دور وهي مشتركة بين أرباب الدار فهذه مملوكة وبيع كل واحٍد منهم لحصته جائز، فإذا باع أحدهم دار مع حصته من العرصة قال مالك وابن سريج: تجب الشفعة في الدار المحوزة وفي حصتها من العرصة للإشتراك في العرصة، وعند الشافعي لا شفعة في الدار لإجازتها وينظر في العرصة، فإن كانت ضيقة لا تحتمل القسمة لا شفعة، وإن كانت واسعة تحتمل القسمة، فإن كان للدار من غير العرصة طريق تجب الشفعة، وكذلك إن كان للمشتري دار يفتح بابها إليها أو يمكن فتحه إلى شارٍع تجب الشفعة ويأخذ مقدار حقه من الزقاق بما يخصه من الثمن، وإن لم يكن طريق من غير العرصة لا تثبت فيها الشفعة في ظاهر مذهب الشافعي لأن الشفعة تجب لإزالة الضرر وها هنا يؤدي إلى الضرر بالمشتري لأنه يبقى ملكه محبوسًا بلا طريق وهذا الضرر أعظم من ضرر الشفيع ولا يزال الضرر بالضرر.
ومن أصحابنا من قال: في ثلاثة أوجه أحدها: هذا، والثاني: وهو اختيار ابن أبي هريرة تجب فيها الشفعة ويبطل استطراق المشتري فيها لأنه دخل على علم تضرره وهذا لا يصح لأنه لو علم هذا لم يرغب في الشراء بحاٍل، والثالث: تجب الشفعة وحق الاستطراق ثابت فيها بغير ملك ليزول الضرر عنهما، وعلى هذا الوجه لو باع دارًا ليس لها طريق كان البيع باطلاً وعلى قول ابن أبي هريرة يجوز وهذا ضعيف أيضًا لأنه يستحيل أن ينتقل الملك إلى الشفيع [٨٨/ أ] ويستحق عليه الاستطراق وإذا استحق ذلك