للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأخذ أو [في] الترك، فإن كان في الأخذ فعليه الأخذ وإذا أخذه ملكه المولى عليه فإن عفا فقد فعل ما لا يجوز له فعله، ولا يصح العفو وللصبي الأخذ بالشفعة إذا بلغ وهل يكون على الفور مع الإمكان أو على التراخي؟ على ما بيناه وبه قال محمد وزفر.

وقال أبو حنيفة: يصح عفوه ولا يثبت له بعد البلوغ لأن من ملك الأخذ ملك العفو وهذا غلط لأنه إسقاط حق للمولى عليه لا حظ له فيه فلم يصح كالإبراء وإسقاط الرد بالعيب، وقال ابن أبي ليلى: لا يجوز للوليّ أن يأخذ الشفعة لليتيم أصلاً لأنها موقوفة على شهوات النفوس ولأن من لا يملك العفو لا يملك الأخذ ولا ينتظر لأن فيه إضرارًا بالمشتري فبطلت، وقال الأوزاعي: تثبت الشفعة وليس للولي أن يأخذها بل يتأخر إلى البلوغ وهذا غلط لأنه خياٌر ثبت لدفع الضرر عن المال فملكه الولي في حق الصبي كخيار الرد بالعيب وليس كالعفو لأنه إسقاط وهذا توفير فو كما يملك استيفاء الدين ولا يملك الإبراء عنه [٨٩/ أ].

واحتج الأوزاعي بالقصاص لا يستوفيه الولي ويؤخر استيفاؤه إلى ما بعد البلوغ، قلنا: المقصود من القصاص التشفي ودرك الغيظ ولا تدخل فيه النيابة وها هنا الغرض إزالة الضرر عن المال وتدخله النيابة فافترقا، ولو أخذ الشفعة له ثم بلغ فأراد الرد ليسترد الثمن ليس له ذلك، وإن كان الشقص عند البلوغ متراجع القيمة لأن الاعتبار بساعة الأخذ وكانت المصلحة في أخذه بالشفعة، وإن كان الظ في الترك لا يجوز له الأخذ، فإن خالف وأخذ كان الأخذ باطلاً لا يملكه المولى عليه ولا الولي أيضًا لأنها تستحق بالشركة الموجودة حين البيع ولا شركة ل بخلاف ما لو اشترى شيئًا للصبي لا غبطة له فيه يلزم الولي الشراء، وإن عفا الولي ها هنا وتركها هل يسقط بعفوه حتى إذا بلغ ليس له الأخذ المذهب أنه يسقط.

وحكي أبو إسحاق عن بعض أصحابنا أنه قال: لا يصح عفوه وللصبي الأخذ بالشفعة إذا بلغ لأنه ملك الآن ووجود معتبر في أخذ الولي لا في أخذ المالك وهذا غلط لأن أخذه صحيح عند الغبطة فعفوه صحيح عند الغبطة كالرد بالعيب والرضا به، وقيل: فيه قولان ذكره الربيع وغيره وهذا الثاني اختيار أبي إسحاق وبه قال زفر ومحمد وهذا غير مشهور وقد روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصبي على شفعته حتى يدرك فإن أدرك فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك".

فرع

لو استوي الحظ في الأخذ والترك ففي أخذ الولي ثلاثة أوجهٍ أحدها: لا يأخذ الشفعة ما لم يظهر له الحظ في أخذها، والثاني: يلزمه أخذها لأن الأخذ حظ ما لم يظهر ضرر، والثالث: أنه مخير بين أخذها وتركها لاستواء الحالين، فإذا قلنا: ليس له الأخذ فإذا بلغ هل الأخذ وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>