القول قوله مع يمينه وعلى المدعي البينة كما نقول في سائر الدعاوى فإذا قامت البينة ثبت ما أدعاه وأخذه بالشفعة، وإن لم يكن له بينة فإنا نعرض اليمين على المدعى عليه ويحلف على حسب ما وقعت الدعوى والإنكار، فإذا ادعى أنه اشتراه وأنكر حلف أنه لم يشتره وسقطت الدعوى.
ومن أصحابنا من قال: يحلفّه على أنه لا يستحق عليه بالشفعة ولا يحلف على أنه اشتراه لأن الشفعة هي المقصودة بالدعوى، ومن قال بالأول أجاب عن هذا وقال: هذا احتياطٌ بارد من الحاكم لأن المدعى عليه لما أنكر الشراء وأجابه به [٩٥/ أ] وسمع ذلك دل على أنه يمكنه أن يحلف عليه، وإن قال: اشتراه بعدي وأجاب بأني اشتريته قبله حلف أنه اشتراه قبله وإن قال: أستحقه عليه بالشفعة وقال: لا شفعة لك حلف أنه لا يستحقه بالشفعة، ولو قال المدعي: اشتريت شقصًا ولي فيه الشفعة، وقال في الجواب: لا شفعة لك فيه أو لا يستحقه بالشفعة حلف أنه لاشفعة له فيه ولا يحلفه أنه ما اشتراه لأنه قد يشتريه في شفعته ثم تبطل شفعته، فلو حلَّفنا على أنه ما اشتراه ظلمناه وإن نكل عن اليمين رد اليمين على المدعي، فإذا حلف حكمنا له بالشقص وينظر في تحليفه، فإن كان أنكر الشفعة أنه لا يستحقها عليَّ حلف أنه يستحقها عليه بالشراء الذي ادعاه، وإن كان أنكر الشراء حلف الشفيع أنه لقد اشتراه وهل يلزمه أن يقول في يمينه فإنه يستحق الشفعة فيه أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه وهو اختيار أبي إسحاق، وإن أحلفه الحاكم عليه كان استحبابًا لأن هذا من حقوق المالك فما لم يطالب به لم يلزم.
والثاني: أنه لازم لأن نقل الأملاك لا يجوز بالأمر المحتمل وقد يجوز أن يكون عفا بعد الشراء، ثم إذا حكم ل بالشفعة ففي الثمن ثلاثة أوجهٍ أحدها: يؤخذ منه ويدفع إلى المالك لئلا يؤخذ الشقص من يده بغير بدلٍ فإن امتنع يقال له: إما أن تقبض أو تبرأ، والثاني: أنه يوضع في بيت المال ما لم يدعه المالك ثمنًا، فإذا ادعاه دفع إليه، والثالث: يقر في ذمة الشفيع ما لم يأت المالك مطالبًا.
وإن قال في جوابه: اشتريته لزيدٍ، فإن كان زيد حاضرًا أحضر مجلس الحكم وسئل عنه فإن صدقه أخذ منه بالشفعة وإن كذبه فإن البيع قد لزم المدعى عليه ويأخذ الشفيع منه، وإن كان زيد غائبًا فإن الحاكم يأخذ الشقص من المدعى عليه بالثمن الذي وقع العقد عليه وبسلمه إلى الشفيع [٩٥/ ب] وسجل به سجلاً، ويُحكى فيه صورة الحال على وجهها وأن زيدًا على حجته إذا قدم فإذا قدم كانت الخصومة بينه وبين الشفيع على حسب ما بيناه لأنا لو قلنا: يتوقف إلى حضوره أدى إلى إسقاط الشفعة لأن أحدًا لا يعجز عن مثل هذا الإقرار.
وإن قال صاحب اليد: هذا الشقص لفلان ينظر، فإن كان المقر له غائبًا لم يكن للشفيع فيه الشفعة إلى أن يقدم الغائب فيسأل عن جهة الملك، فإن كان مما تجب به الشفعة حكم بها، وإن كان مما لا تجب به الشفعة لم يحكم بها وأما الذي في يده