أيضًا في المسألة لا يفرق الشفيع الصفقة على المشتري وليس له أن يأخذ ما باع أحدهما دون الآخر، وبه قال مالك، وهذا غلط لأن البائع اثنان فأشبه إذا باعا بعقدين، ولو كانت المسألة بحالها فباع اثنان نصيبهما من رجلين صفقةٌ واحدةٌ فهي بمنزلة أربعة عقودٍ فالشفيع بالخيار بين أن يدع الكل أو يأخذ الكل أو يأخذ من بعضهم دون بعضٍ كيف شاء، كما لو باع واحدٌ منهم نصيبه من رجل واحدٍ في أربعة عقودٍ في كل عقدٍ ربع ملكه كان الشفيع بالخيار على ما ذكرته.
فرعان لأبي العباس رحمه الله أحدهما: قال: لو كانت دار بين ثلاثةٍ أثلاثًا فباع أحدهم نصيبه من ثلاثة أنفسٍ صفقةً واحدةً كان للفيع أن يأخذ الكل وأن يأخذ من بعضهم دون بعضٍ فإن أخذّ من واحدٍ وعفا عن الآخرين كان ذلك له وليس للذين عفا عنهما مشاركة الفيع فيما أخذ من الثالث لأن ملك البائع انتقل غلى الثلاثة دفعةً واحدةً في زمانٍ واحدٍ لم يسبق بعضهم بعضًا، فو كما لو اشتري اثنان دارًا صفقةً ملك كل واحدٍ نصفها وليس لأحدهما مطالبة شريكه بالشفعة لأن ملك أحدهما ما سبق الآخر.
والفرع الثاني: قال: لو كانت دار بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من ثلاثة أنفسٍ في ثلاثة عقودٍ عقدًا بعد عقدٍ ثم علم الشفيع بالشفعة كان له أخذ الكل وبعض دون بعضٍ فإن أخذ من الأول وعفا عمن بعده لم يكن لمن بعده مشاركته في الشفعة لأنهما ملكًا بعد وجوب الشفعة، وإن أخذ من الثاني لم يشارك الثالث أيضًا وإن أخذ من الثالث وعفا عن الأول، والثاني كان لهما مشاركته في الشفعة، فإذا شاركاه فهل يستحقان على عدد الرؤوس أو الأنصباء على القولين.
فرع آخر
لو كانت دار بين أربعة لكل واحدٍ منهم ربعها [٩٧/ ب] فباع ثلاثة منهم نصيبهم منها لم يخل من أحد أمرين إما أن يبيعوا من ثلاثة نفرٍ، أو من وادٍ فإن باعوا من ثلاثةٍ لم يخل من احد أمرين إما أن يكون الكل في زمانٍ واحدٍ أو كل واحدٍ على الإنفراد لم يسبق بعضهم بعضًا فالشفيع بالخيار على ما ذكرنا، وغن كل البيع من واحدٍ بعد واحدٍ فله أخذ الكل وترك الكل من بعضٍ دون بعضٍ فإن أخذ من بعضٍ دون بعضِ نظر، فإن أخذ من الأول وعفا عن الثاني والثالث لم يشاركاه في الشفعة وإن أخذ من الثالث وعفا عن الأولين كان لهما مشاركته في الشفعة، وإن باعوا نصيبهم من واحدٍ لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون صفقةً واحدةً، أو عقدًا بعد عقدٍ، فإن كان صفقةً واحدةَ كان له أن يأخذ الكل ويدع الكل ويأخذ البعض ويدع البعض فإن أخذ الكل أو ترك الكل فلا كلام، وإن أخذ بعضًا دون بعضٍ انفرد به ولم يشاركه المشتري فيما أخذ لأن الملك في زمانٍ واحدٍ، وإن كان عقدًا بعد عقدٍ فقد ملك المشتري ثلاثة أرباعها في ثلاثة عقود فللشفيع أخذ بعضها دون بعض فإن أخذ الأول أو الأول والثاني لم يشاركه المشتري فيما أخذ وإن عفا عن الأول، والثاني وأخذ الثالث، فالمشتري شفيع فهل