للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنها من نتاج قومه أو بلده فصالحه منها على شقٍص لم يصح الصلح، فإن عرفا الأوصاف الثلاثة فهل يصح الصلح؟ قولان: أحدهما: يصح لأنه لو أحضرها بهذه الأوصاف لزمه قبولها، والثاني: لا يصح لأن السّلم فيها بهذا القدر لا يصح حتى توصف الألوان ونحوها مما يختلف الثمن لأجله، فإذا قلنا: الصلح صحيح يأخذ الشفيع بقيمة خمٍس من الإبل أقلها قيمًة إذا كانت بالأوصاف التي ذكرناها، فإن لم تكن الإبل موجودة قال في القديم: تجب خمسون دينارًا أو ستمائة درهم، وقال في الجديد: تلزم قيمتها بالغة ما بلغت، فإن عرفا البدل المقدَّر ومقداره أو عرفا مقدار القيمة فصالحه منها صح الصلح ويأخذ الشفيع بمثل ذلك، وإن لم يعرفا أو عرف أحدهما: دون الآخر لم يصح الصلح ولا شفعة، وقال بعطر أصحابنا بخراسان: إذا كانت الجناية عمدًا وقلنا: الواجب هو القود فحسب هل يصح الصلح مع كون الدية مجهولة عند المتعاقدين؟ قولان بناًء على أن مطلق العفو هل يوجب المال أم لا؟ فإن قلنا: لا يوجب جاز وكأن المصالحة وقعت عن نفس القود وهو معلوم، وإن قلنا: يوجب المال لم يجز إلا أن يكون معلومًا على ما ذكرنا لأنه مصالحة عن المال.

مسألة: قال: " ولوْ اشترى ذمَّي منْ ذمي شِقصًا بخمٍر"

الفصل

وهذا كما قال: إذا اشترى مشرك من مشرك شقصًا فإن للشريك المشرك أن يطالب بالشفعة إن كان الثمن حالًا والعقد صحيحًا، وإن تبايعا بخمٍر أو خنزير فلا شفعة، فإن كانوا تعاقدوا وتقابضوا وسلَّم المشتري الشقص لم نتعرض لهم فيه ولو كان الشريك مسلمًا لا شفعة له وإن تقابضوا لأنه لا عوض هناك يمكن أخذها منه، وقال أبو حنيفة: له الشفعة بقيمة الخمر وللذمي الشفعة بمثل الخمر بناءً على أصله أن الخمر مال [١٠٥/ أ] لهم وهذا غلط لأنه وقع العقد بثمن حراٍم فلا شفعة كما لو وقع بميتة أو دم.

مسألة: قال: "والمسلمُ والذميُّ في الشفعة سواءٌ".

وهذا كما قال: إذا باع ذمي شقصًا من ذمي وكان شريكه فيه مسلمًا يستحق الأخذ بالشفعة، ولو باع من مسلم وشريكه ذمي فالذمي يستحق الشفعة على المسلم وبه قال كافة العلماء، وقال الشعبي والحسن وعثمان البتي والحارث العكر وأحمد والحسن بن صالح ابن حي: لا شفعة للذمي على المسلم لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا شفعة لذمي على مسلّم"، وروي: "لا شفعة لنصراني" وهذا غلط للعمومات الواردة في الشفعة ولأنه خيار يثبت لدفع الضرر عن المال فاستوي فيه المسلم والذمي كالرد بالعيب، وأما للخبر لا أصل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>