أجرة للعامل لأنه لم يتلفظ بلفظ القراض ولا بمعناه، وذكر معنى البضاعة فيصير بضاعة قال ابن سريج: والأصل في هذه المسائل على قول الشافعي أن كل لفظةٍ موضوعة [١٢٩/ أ] لعقدٍ, فإذا وصل بها ما ينافيها بطلت، ألا ترى لو قال: بعتك بلا ثمنٍ وأجرتك بلا أجرةٍ لم يصح وكل لفظة تحتمل عقدين تميز بالصلة فإذا قال: ملَّكتك بالثمن كان بيعاً، ولو قال: بلا عوضٍ كان هبة لأن لفظ التمليك يحتمل البيع والهبة وإذا قال: ملكتك منافع هذه الدار شهراً بعشرةٍ كان إجارة، ولو قال: بلا أجرة كان عارية كذلك ها هنا إذا قال: قارضتك يقتضي اشتراكهما في الربح فإذا شرط خلاف ذلك بطل، ولو قال: أقرضتك يقتضي أن يكون الربح كله للمستقرض، فإذا قال: على أن الربح لي أو بيننا وكان قرضا فاسداً، وإذا قال: أبضعتك هذا المال على أن الربح بيننا أو لك كان فاسداً أيضا، ولو قال: خذ هذا ينظر إلى ما يصلح للقراض أو القرض والبضاعة، فإذا شرط ذلك عمل عليه.
وقال بعض أصحابنا بخراسان عن ابن سريج أنه قال: إذا قال: قارضتك على أن لا شيء لك من الربح أو على أن جميع الربح لي فيه وجهان أحدهما: يراعى المعنى ويكون بضاعة، وبه قال أبو حنيفة، والثانى: يراعى اللفظ فهو قراض فاسداً وكذلك في ضده، ولو قال: على أن جميع الربح لك ففي الوجه الأول قرض صحيح وفي الثاني هو قراض فاسد، وكذلك لو قال: أبضعتك على أن جميع الربح لك ففي أحد الوجهين هو قرض صحيح مراعاة للمعنى وفي الوجه الثاني هو بضاعة غير أن العامل لم يتبرع بالعمل فله أجر مثله وهذا غير مشهور عن ابن سريج عند أصحابنا بالعراق، وقال مالك: إذا قال: قارضتك على أن يكون كل الربح لك أو لي يصح القراض ويكون الربح لمن شرط وكأنه وهبه من صاحبه وهذا غلط لأن الهبة لا تصح قبل حصول الموهوب.
فرع آخر
لو قال: خذ هذا وابتع به على أن ما وزق الله تعالى من ربحٍ يكون بيننا نصفين لم يجز لأنه لم يأذن له في البيع، ولو قال: خذ هذا واعمل فيه على أن ما رزق الله [(١٢٩) / ب] تعالى من ربح يكون بيننا صح لأن قوله: واعمل فيه يقتضي إطلاقه البيع والشراء على حسب ما يعمل في القراض، وليس كذلك إذا خص الابتياع وأمسك عن البيع فإن الظاهر منه أنه لم يأذن له إلا في الابتياع.
فرع آخر
لو قال: قارضتك في هذا المال على أن لك نصف الربح إلا عشرة دراهم لم يصح لأنه يجوز أن لا يكون فيه الربح إلا عشرة دراهم فينفرد به رب المال دون العامل فيؤدي ذلك إلى خلاف ما يقتضيه عقد القراض.