وقال مالك: إن كان في موضع يكون هناك موسم فقال: إنما قلت ذلك لخوف نزع المال من يدي قبل وقت الموسم قبل ذلك منه، ولو لم يكذب نفسه ولكن قال: كنت ربحت ثم خسرت قبل منه لأنه ليس برجوع عن الأول ولا تكذيب له وهذا إذا أمكن الخسران في مثل تلك المدة، وكذلك لو قال: رد المشتري علي بالعيب واسترجع الثمن ثم تلف الشيء في يدي قبل منه لأنه أمين ولا يخرج بتلك الكذبة السابقة عن قبول يمينه لأنه لم يأت بتعدٍ ولا جحود في أمل المال بل كذب في الربح فهو في أصل المال أمين على أن الكذب لم يظهر ها هنا لأنه قال: رُدَّ عليّ وتلف، ولو ظهر الكذب بأن قال: لم أربح فلم يقبل ثم قال: تلف فهو أمين أيضا يقبل قوله مع يمينه.
فرع
إذا قال: ربحت ألفاً ثم قال: غلطت فلم يقبل فأل إحلاف رب المال فإن ذكر شبهة محتملة يستحق بها إحلافه، وإن لم يذكر شبهة [(١٣٢) / أ] فيه وجهان أحدهما: قاله ابن سريج وابن خيران: له إحلافه لإمكان قوله، وقال أبو إسحاق: لا يحلف لما تقدم من إقراره.
مسألة: قال: "وإنِ اشترى العاملُ أو باعَ بما لا يتغابن الناسُ بمثله".
الفصل
وقد ذكرنا هذه المسألة بالشرح فلا معنى للإعادة.
مسألة: قال: "وإذا اشترى في القراض خمراً أو خنزيراً أو أم ولد".
الفصل
وهذا كما قال: جملته أنه لا يجوز للعامل أن يبيع الخمر ولا أن يشتريه سواء كان العامل نصرانياً أو مسلماً، وقال أبو حنيفة: إن كان العامل نصرانياً له أن يشتري الخمر ويبيع، وقال أبو يوسف ومحمد: يصح الشراء منه دون البيع لأنه يدخل ما يشتريه في ملكه أولاً ويجعل كأنه اشترى عصيراً فصار في يده خمراً فيكون ذلك لرب المال ولا يمكن بيعها من جهة المسلم وهذا غلط لأنه مائع نجس كالدم، فإذا تقرر هذا فلو اشترى خمراً أو خنزيراً أو أم ولد ودفع الثمن فالشراء باطل وهو للمال ضامن في قياس قوله: ويسترجع المال من البائع، فإن كان قد تلف كان لرب المال أن يطالب العامل أو البائع فإن رجع على العامل رجع العامل على البائع, وإن رجع على البائع لم يرجع على العامل لأنه دخل على أن يكون تلفه من ضمانه, وقال أصحابنا بخراسان: إنما يضمن العامل إذا علم أنه خمرا أو أم ولد, فإن لم يكن علم فبان ذلك لم يضمن لأن الاحتراز منه لا يمكن.
ومن أصحابنا من قال: في الخمر يضمن لأنه لم يتأمل بل فرَّط بخلاف أم الولد،