تغير بالمجاورة فلا يضره. وقال غيره: لا، لأنه يمكن حفظ الماء منها. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: لا يضر الماء وهو الأصح. والثاني: يضره. والثالث: إن كان خريفيًا لا يضره، وإن كان ربيعيًا فإنه يزيل طهوريته. والفرق من وجهين:
أحدهما: أنه يخرج من الربيعي رطوبة تختلط بالماء بخلاف الخريفي، فإنها يابسة كالخشب.
والثاني: أن الربيعي قلما يتأثر من الشجر فيمكن صون الماء عنه بخلاف الخريفي،
ولو تغير بالثمار فإنه يزيلها لطهورته بلا خلاف.
فرع آخر
لو كان ورق الشجر مرقوقًا ناعمًا بغير الماء لم يجز استعماله؛ لأنه تغير مخالطة، وقال أبو حامد: يجوز استعماله كما لو كان صحيحًا، وهذا غلط؛ لأن تغيره مجاورة بخلاف هذا. ذكره صاحب "الحاوي".
فرع آخر
إذا تغير الماء بالملح وغلب عليه، لا يجوز التوضأ به؛ لأنه معدن وهذا هو المذهب، وقال بعض أصحابنا: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: هذا. والثاني: لا يزيل الطهورية بحاٍل، وهو اختيار القفال؛ لأن الملح هو [٢٧ أ/ ١] ما في الأصل. والثالث: وهو اختيار أبي حامد: إن كان ملح حجر يزيل الطهورية، وإن كان ملح جمد مثل أن يرسل الماء في أرض محالة فتصير ملحًا لا يزيل الطهورية، لأن به ماء يتغير بمجاورة الأرض.
فرع آخر
لو قال: وقع في الماء ما لا يغيره كماء الورد المنقطع الرائحة، وماء الشجر، وعرق الآدمين، وهذا يبعد لأنه لابد من أن يتفرد عنه بطعم، فإن اتفق ذلك فمن أصحابنا من قال: يعتبر الغالب منها بالكثرة كما في الماء المستعمل، فإن كان الغالب الماء فإنه يجوز التطهر به، وإن كان الماء مغلوبًا فلا يجوز التطهر به. ومن أصحابنا من قال- وهو اختيار القفال- لا يراعى هذا، بل ينظر فإن خالطه قذر لو كان له رائحة أو لون غلب عليه وصيره مثل نفسه، فإنه يزيل طهوريته وإلا فلا يزيل، وهذا حسن. فإن قيل: الأشياء تختلف في ذلك فبأيها تعتبر؟ قيل: يعتبر بما هو للأشبه.
فرع آخر
لو خالطه التراب أو غيره، فإن صار نجسًا بطبعه فلا يجوز التطهر به وإن كان جاريًا بطبعه ولكن تغير طعمه ولونه يجوز التطهر به؛ لأنه قرار الماء والماء لا ينفك عنه غالبًا. وقيل: لأنه طهور في نفسه فلا يزيل الطهور به. والعلة الأولى هي أصح؛ لأنه