تلك الثمرة لحدوثها في يده، ولو أطلعت قبل قبضه وتصرفه فيها فإن قلنا إنه أجير لكم يكن له في تلك الثمرة نصيب لارتفاع يده، وإن قلنا: إنه شريك استحق نصيبه من تلك الثمرة لأنها بعد العقد حادثة عن ملكهما وعلى العامل أجرة مثل ما استحق عليه من العمل فيها.
فرع آخر
لو قال: ساقيتك على هذه النخيل سنةً ولم يذكر قدر نصيبه قال ابن سريج: يجوز وتكون الثمرة بينهما نصفين حملًا على عرف الناس في المساقاة، ولو قال: عاملتك على هذه النخيل سنة ولم يذكر قدر نصيبه لم يجز لأنه ليس للمعاملة عرفٌ، والمشهور عند أصحابنا أنه يجوز فيها لأن نصيب العامل مجهول.
مسألة: قال: "وإذا ساقاهُ على نخلٍ وكانَ فيهِ بياضٌ لا يوصلُ إلى عملهِ إلا بالدخول إلى النخلِ".
الفصل
وهذا كما قال: إذا كان بين النخيل بياض لا يخلو إما أن يكون سيرًا أو كثيرًا، فإن كان يسيرًا يجوز أن يزارع فيه ولكن لا يدخل في عقد المساقاة إلا بالشرط [١٤١/ ب] وقال مالك: له أن يزرع البياض بغير إذن مالكه إذا كان أقل من الثلث وهذا غلط لأن العقد لا يصح إلا بالتسمية كسائر العقود، فإذا تقرر هذا فلو قال: ساقيتك على النخل على كذا أو زارعتك في الأرض على كذا يجوز قولًا واحدًا وهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفع النخل إلى أهل خيبر دفع البياض إليهم على أن لهم نصف النخل والزرع ولرسول الله صلى الله عليه وسلم النصف وكان الزرع كما وصفنا بين ظهراني النخيل يسيرًا، ولولا الخبر لما جوّزناه ولا فرق بين أن يسوي بينهما في الحصة أو يخالف بينهما فيقول: ساقيتك على النخل بالنصف وخابرتك على الأرض بالدفع.
وقال في "الحاوي": إذا خالف فيه وجهان قال البغداديون: يجوز، وقال البصريون: لا يجوز لأنهما إذا تفاصلا تميزًا ولم يكن أحدهما: تبعًا ولا متبوعًا، ولا فرق بين أن يأتي بلفظٍ والصريح في كل واحدٍ منهما نحو ما ذكرنا من لفظ المساقاة والمخابرة وبين أن يأتي بلفظٍ يجمع الأمرين معًا فيقول: عاملتك على الأرض والنخل معًا بالنصف مما تخرجه من ثمرٍ وزرعٍ، ولو قال: ساقيتك في النخل على أن أزارعك في البياض لم يجز لأنه جعل عقد المزارعة شرطٍا في عقد المساقاة فلا يجوز كما لو قال: أساقيك على هذا البستان على أن أساقيك في بستانٍ آخر، ولو عقدا على النخل ولم يعقدا على البياض ثم عقدا على البياض عقدًا مستأنفًا لا يخلو إما أن يكون مع العامل في النخل أو مع غيره، فإن كان مع غيره لا يجوز قولًا واحدًا، وإن كان مع العامل هل يجوز؟ فيه وجهان: