وهذا كما قال: إذا كان بستان بين رجلين فساقي أحدهما: شريكه على أن يعمل فيه فإن شرط له أكثر من نصيبه من الثمرة جاز، وتكون الزيادة في مقابلة عمله وإن شرط له مثل نصيبه من الثمرة بالملك أو أقل منه كان فاسدًا فإن عمل فيه على ذلك كانت الثمرة بينهما نصفين قال المزني: ولا أجرة له لأنه عمل من غير بدلٍ قال أبو إسحاق: وهذا صحيح لأنه دخل فيه على أن يكون متبرعًا بعمله وإنما يكون له أجر مثله إذا شرط لعمله عوضًا وكان فاسدًا وخرج ابن سريج فيه وجهًا آخر أن له أجر مثله فيما عمل في نصيب شريكه لأن عقد المساقاة يقتضي العوض، فإذا كان فاسدًا رجع إلى أجر المثل وهو كقوله: زوجتك بلا مهرٍ وبعتك بلا ثمنٍ ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأنه يفارق النكاح لأن البضع لا يستباح بغير عوض، وإذا قال: بعتك بلا ثمنٍ يحتمل أن لا يسلم ومن سلم اعتذر بأنه لم يملك بذلك ولكنه يضمنه باليد وها هنا لم يحصل العمل في يده بل تلف في يد صاحبه فلا ضمان على واحدٍ ونظير هذه المسألة قد ذكرنا في القراض.
مسألة: قال: "ولو ساقي أحدهما صاحبهُ نخلٍ بينهما سنة معروفة على أن يعملا فيها جميعًا على أنّ لأحدهما: الثلث ولآخر الثلثين لم يكن لمساقاتهما معنى".
وهذا كما قال: إذا ساقى أحدهما صاحبه على أن يعملا فيه [١٤٨/ أ] لم تصح المساقاة لأنه يجب أن يكون العمل من أحدهما فإذا شرط أن يكون من كليهما عمل لا يجوز فإن عملا على ذلك كانت الثمرة مقسومة نصفين على قدر المالين ثم ينظر في العملين، فإن كان سواء لم يرجع أحدهما على صاحبه بشيء، وإن كان عمل أحدهما أكثر نظر، فإن كان صاحب الأكثر قد شرط لنفسه زيادة الثمرة على ما يستحقه بالملك كان له أجرة المثل في مقدار ماله من زيادة العمل، وإن لم يكن شرط لنفسه زيادة الثمرة فهو متبرع بالعمل فعلى قول المزني لا أجرة وعلى ما خرّجه ابن سريج له أجر المثل فيما له من زيادة العمل وهو ضعيف، وقال بعض أصحابنا: يستحب مع التساوي في العمل أن يستحل أحدهما من الثاني مخافة أن يكون عمل أحدهما فيما خفي عليهما أكثر من الثاني وكذلك جميع الأكرة والعاملين المجتمعين على الأعمال المشتركة.
مسألة: قال: "ولو ساقي رجلًا على نخلٍ مساقاةً صحيحةً فأثمرت ثم هربَ العاملُ".
الفصل
وهذا كما قال: إذا ساقاه على نخلٍ فعمل بعض العمل ثم هرب لا تنفسخ المساقاة