عملٍ كثير ليحصل له سهم قليل، فإن لم تثمر في تلك السنة فلا شيء له على ما ذكرنا، ويفارق هذا إذا ساقاه سنين والنخل مما يثمر على أن له نصف الثمرة من سنةٍ واحدةٍ لم يجز لأن هناك جعل له نصف جميع ما يخرجه النخل، وها هنا جعل له بعض ما يخرجه وهو غير معلوم بالجزية من الجميع فلا يجوز، ولو فسدت المساقاة في هذه المسألة له أجر المثل لجميع السنين لا للسنة الأخيرة لأنه لم يكن متبرعًا بالعمل أصلًا.
والثالثة: أن يساقيه إلى وقتٍ يجوز أن تثمر ويجوزم أن لا تثمر وليس أحدهما: بأظهر من الآخر قال أبو إسحاق: المساقاة فاسدة وهو الصحيح لأنه لا يدري هل تحصل له الأجرة أم لا، وفي هذا الموضوع له أجر مثله إذا فسدت المساقاة ولم يثمر لأنه لم يدخل على أن لا يأخذ أجرة لأنه كان يمكن أن يثمر النخل إلى هذه المدة فلم يجعله متبرعًا بعمله، ومن أصحابنا من قال: المساقاة صحيحة لأن الثمرة ممكنة كما نقول في النخيل الكبار، وكما نقول في القراض، وإن كان الربح غير متيقن وهذا غلط لأن الظاهر هناك حصول الغرض بخلاف مسألتنا، فإذا قلنا بهذا فإن لم يثمر فلا شيء للعامل على ما ذكرنا.
فرع
لو ساقاه على وديّ إلى وقتٍ يعلم أنه يثمر فيه على أن يكون له بعض الثمرة وبعض الودي لم يجز لأنه لا يستحق بعمله إلا ما ينمى بعمله ويزيد قياسًا على مال القراض.
مسألة: قال: "ولوْ اختلفا بعدَ أن أثمرتِ النخلُ".
الفصل
وهذا كما قال:[١٥٢/ أ] لو ساقي رجلًا فلما أدركت الثمار اختلفا فقال العامل: ساقيني على أن لي النصف، وقال رب النخل: بل على أن لك الثلث ولي الثلثين تحالفا لأنه اختلاف في مقدار العوض في العقد فحكمه التحالف كالمتبايعين إذا اختلفا في مقدار الثمن أو المبيع تحالفا، فإن حلف أحدهما: ونكل الآخر حكم به لمن حلف، وإن حلفا معًا فسخ العقد ورجعت الثمرة إلى رب النخل ووجب عليه للعامل أجر مثله فإن أقام أحدهما: البينة حكم له بها، وإن أقاما جميعًا البينة قال المزني: ها هنا سقطتا وتحالفا، وفيه قول آخر أنهما تستعملان، وفي كيفية استعمالها ثلاثة أقوالٍ: القسمة، والقرعة، والوقف ولا يجيء ها هنا القسمة والوقف لأن اختلافهما في العقد ولا يجوز قسمة العقد ولا وقفه ويجئ فيه الإقراع فمن خرجت قرعته حكم له ببينته، وهل يحلف مع القرعة؟ قولان وهذان القولان مبنيان على أن القرعة تقدم البينة أو الدعوى، فإن قلنا: يقدم البينة وهو المذهب لا يمين عليه، وإنه قلنا أنه يقدم الدعوى ويكون دلالة على صدق دعواه فعليه اليمين وهذا ليس بشيء، وقال بعض أصحابنا