للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفة: إذا أطلق تجب الأجرةً على مر الزمان جزءًا فجزءًا غير أنه لا يمكن استيفاء ما يصيب لحظةً أو ساعةً فمتى اجتمع قدر يمكن استيفاؤه ثبت حق الطلب في ذلك القدر وعن مالك روايتان [١٥٥/ ب] إحداهما لا يحل شيء منها ما لم تمض جميع المدةً وهذا أقيس من قول أبي حنيفةَ كما لو باع صبرةَ من طعام بمائةً لا يستحق بتسليم بعض المبيع طلب حصته من الثمن حتى يلم الكل، والثانية أنه على عادة الناس فأجرت العادةً به مشاهدةً يستحق عند انقضاء كل شهر حصته من أجرته وما جرت العادةً به مشافهةٌ تجب حصةً كل سنةً عند انقضائها.

فرع

هل يجوز أن تكون الأجرةً المعينةً في الإجارة جزافًا أم لا؟ فيه طريقان إحداهما فيه قولان كالقولين في رأس المال السّلم هل يجوز أن يكون جزافًا أم لا وهذا لأن مقصود كل واحد من العقدين منتظر غير منبرم، والثانيةً يجوز قولًا واحدًا بخلاف السلم، والفرق أن السلم معقود إلى أجل فهو غرر والجزاف غرر فلا يخاف الغرر إلى الغرر والإجارةً معقودةً على منفعةٍ حالةٍ ولكنها تتوفى شيئا فشيئا فصار كما لو اشترى صبرة طعام بثمنٍ جزافًا جاز.

فرع آخر

لو استأجر عبدا بنفقته أو بعيرًا بعلوفته لم يجز، وقال مالك: يجوز لأن أبا هريرةَ آجر نفسه بطعام بطنه وهذا غلط لأنها أجرةً مجهولةً والخبر يحتمل أنه كان مقدرًا فلا حجةً فيه.

فرع آخر

لو قال: آجرتك داري هذه كل شهرٍ بدرهم ولم يذكر آخر المدةً فالمذهب أنه لا يحوز أصلا ويخالف هذا إذا قال: آجرتك هذا الشهر بدرهم وما زاد فبحسابه لأن ها هنا أفرد الشهر الأول بالعقد، وقال الإصطخري: يصح في الشهر الأول وهذا خلاف مذهب الشافعي وغلط فيه لأنه لو قال: بعتك من هذه الخبرةَ كل قفيز بعشرةً دراهم لم يصح البيع في شيء من الأقفزةً كذلك ها هنا، ومن أصحابنا من قال: فيه قولان قال في "الإملاء" مثل ما قال الإصطخري وهذا غريب وهو قول أبي حنيفة، وحكي عنه أنه قال: يجوز في جميع الشهور فإذا قلنا: باطل فسكن الدار لم يلزم أجر المثل وإذا قلنا بالقول الآخر يلزم [١٥٦/ أ] للشهر الأول المسمى وللباقي أجر المثل.

وحكي عن أبي حنيفةً أنه قال: لكل واحدٍ منهما عند انقضاء الشهر أن يفسخ فإن لم يفعلا حتى مضى يوم من الشهر الثاني ليس لواحدٍ منهما أن يفسخ لأنه اتصل بالعقد الفاسد القبض وهذا غلط لأن القبض لم يحصل بالإجماع ولا يلزم العقد الفاسد في الأعيان عنده بالقبض لأن للبائع أن يسترجع متى شاء ولا يضمن أيضا بالمسمى في العقد الفاسد بل يضمن بالقيمةَ فهذا مناقضة، وحكي عن مالك أنه قال: الإجارة

<<  <  ج: ص:  >  >>