للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القول قول المكتري في قدر المعروف لأنه أمين وهو الأصح.

والثالث: يرجع إلى عرف الناس فإذا وافق ذلك قول أحدهما: فهو المعمول عليه قال في "الحاوي": وفي اختيار الشافعي قال: وإن خالف قياس الأصول الموجبة لأحد المذهبين وقد يترك القياس إذا تفاحش إلى ما يكون عدلاً بين الناس وإن يرجع الجمال فإذا بلغ المكتري الموضع باع الحاكم منها بقدر ما أنفق ويقضيه وما بقي منها ينظر فيه باجتهاد, فإن كان الحظ في حفظها حتى يرجع صاحبها فعل, وإن كان الحظ في بيعها وحفظ ثمنها فعل وإن أنفق من غير إذن الحاكم فقد ذكرنا في المساقاة إذا هرب العامل ما يغني عن الإعادة.

فرع

يجوز أن يكتري رجلاً ليحفر له بئرًا ولا يصح حتى يكون المعقود عليه معلومًا ولا يكون معلومًا إلا بأحد أمرين بالمدة أو بالعمل فالمدة أن يقول: استأجرتك لحفر البئر شهرًا وإن لم يعين الموضع فإذا صح العقد كان عليه العمل شهرًا ولا يحتاج إلى شرطٍ آخر, وإن كانت المنفعة معلومةٍ بالعمل فلابد أن تكون البقعة التي يحفر فيها معلومة بالمشاهدة ثم يعرف مقدار سعتها وهو الدور ومقدار عمقها وعند أبي حنيفة لا يحتاج إلى بيان هذا, وقال قوم من العلماء لا يجوز الاستئجار عليها لأن باطن الأرض يختلف بالصلابة والرخاوة وإن ما يخرجه من التراب غير معلومٍ وهذا غلط بخلاف الإجماع وهذا معلوم بالعرف والعادة في الجملة ويصير باطنها بمشاهدة الظاهر معلومًا وإن جاز أن يكون الأمر بخلافه كما يصير باطن الصبرة من الطعام معلومًا بمشاهدة الظاهر حتى يصح البيع, فإذا تقرر هذا فاشتغل الحفار بالعمل فإن مضى على السداد فلا كلام وإن وصل إلى حجر يمكنه حفره [١٧٣/ ب] لزمه وإن شق عليه لأنه التزم الحفر بالعقد هكذا ذكر عامة أصحابنا وقيل: لا يلزمه حفره لأنه يخالف ما شاهده من الأرض وإنما وجب مشاهدة الأرض لأنها تختلف فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهدة ويختلف به العمل وجب أن يثبت له الخيار وإن تعذر حفرها بحيث لا يعمل فيه الفأس والمعول أو نبع الماء فقد انفسخ الإجارة فيما بقي من العمل وهل تنفسخ فيما مضى على ما ذكرنا من الطريقين فإذا قلنا: ينفسخ فيما بقي يثبت الخيار في الفسخ في الكل فإن فسخ في الكل يلزم العامل أجر المثل فيما عمل وإن لم يفسخ قسطت الأجرة المسماة على ما بقي من العمل وعلى ما عمل ولا يعمل في هذا على الذرع بل يعتبر ما علا من البئر وما نزل منها فإن حفر الذراعين من أولها أسهل من حفر ذراعين من آخرها فيقسط ذلك فيقال: كم عمل قالوا: عشرة أذرع وكم بقي؟ قالوا: عشرة أذرعٍ فيقال: كم أجرة ما بقي وكم أجرة ما عمل؟ فيقال كذا وكذا فيقسط المسمى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>