لو استأجره لشيء اللبن فليس عليه إلا الشيء وليس عليه إخراج الآجر من الأتون خلافًا لأبي حنيفة.
فرع آخر
لو استأجر دابة من بغداد إلى البصرة فإذا بلغ عمران البصرة له استرداد الدابة ووضع الأحمال, وقال أبو حنيفة: عليه أن يأتي بالحمل إلى دار المكتري, وقال: لو نول في موضعٍ من البلد ثم قال: أخطأت منزلي في غيره لم يكن له أن يركبها إلى منزله وهذا غلط, لأنه لو كان ذلك حقًا له لو لم ينزل لكان حقًا له وإن نزل, وقال في "الحاوي": ولو كان البلد الذي ركب إليه صغيرًا تتقارب أقطاره له أن يسير عليها إلى منزله كما لو نزل في طريقه منزلاً جاز أن ينزل حيث شاء من أول المنزل وآخره.
فرع آخر
لو دفع إلى حائك غزلاً على أن ينسجه عشرة أذرع في عرض أربعةٍ فجاء به دون ذرعه أو عرضه استحق حصته من المسمى, وإن جاء به أطول لم يستحق الزيادة, وقال محمد: إن جاء به أطول أو أقصر كان صاحب الثوب بالخيار بين أن يطالبه بمثل غزله ويدفع إليه الثوب, وبين أن يدفع إليه حسابه من الأجرة لأنه لم يحصل غرضه فصار كأنه أتلفه عليه وهذا غلط لأنه استأجره ليعمل له عملاً فعمل بعضه فيستحق بقدره من الأجرة كما لو استأجره ليضرب [١٨٢/ ب] له ألف آجر فضرب بعضه.
فرع آخر
لو دفع ثوبه إلى غسال فقال له: اغسله حتى أحاسبك أقاطعك أو آتي بكلام يدل على الأجرة كان للغسال أجر مثله إذا غسل, ولو ألقى إليها لثوب وقال: اغسل هذا ولم يقل شيئًا آخر فغسله لم تكن له الأجرة ذكره أبو حامد في "الجامع" نصًا, وكذلك لو قال للجمال: احملني على بعيرك, أو قال للحمال: احمل هذا الطعام إلى منزلي, أو قال للخياط: خط ثوبي هذا فحمل أو خاط لا أجرة له, والغسال ومن ليس بغسالٍ والحمال ومن ليس بحمالٍ في ذلك سواء قال: وقد قيل فيه وجه آخر أنه إن كان معروفًا بالعمل بالأجرة تلزمه الأجرة, وإن لم يكن معروفًا بذلك لا تلزمه الأجرة لأنه إذا كان معروفًا بذلك فالظاهر يدل على العوض وبه أفتي, وذكر المزني في "الجامع الكبير" أنه يستحق الأجرة لأنه أتلف منفعته بأمره, وقال أبو إسحاق: لو بدأ الغسال فقال: أغسل ثوبك فأعطني فأعطاه لا يستحق الأجرة, ولو بدأ صاحب الثوب فقال: اغسل ثوبي يستحق الأجرة لأنه إذا دفع إليه فهو المتلف لمنافعه وإذا أخذ هو رضي بإتلاف منافع نفسه وهذا كله غير صحيح والمذهب الأول وهو اختيار ابن سريج والإصطخري وعامة أصحابنا ووجهه أن المنافع أضعف حالاً من الأعيان, ثم لو أتلف على غيره عينًا من أعيان ماله بإذنه لا يلزمه العوض وهو إذا قال للخباز: أطعمني هذا فأطعمه ولم