ثلاثة أيام قال الشافعي: لم يكن له ذلك يضر بالبعير لاتصال الركوب عليه, وكذلك إن طلبه صاحبه للبعير لم يكن له ذلك يضر بالراكب لاتصال الركوب عليه, وكذلك المشي عليه وأما زمان العلف وزمان النزول للاستراحة لا يحسب من ذاك لأن هذا ليس بزمان الركوب, وإن طالبا أن يركب يومًا وليلةً وينزل يومًا وليلة أجيب إلى ذلك, ولو اكترى دارًا للسكنى هكذا يجوز أن يسكن ثلاثة أيام ويفرغ ثلاثة أيام لأن العقار لا يستضر به, ولو اكترى اثنان بعيرًا ليتعاقبا عليه يجوز أيضًا.
وقال المزني: لا يجوز لأن الذي يركب بعد الأول لا يتصل انتفاعه بالعقد وهذا يبطل عقد الإجارة وهذا غلط لأنهما إذا اكتريا ملكا جميعًا منافع الركوب بينهما, ألا ترى أنهما لو اكتريا البعير من واحدٍ جميعًا صح فثبت أنهما ملكا المنافع على وجه الإشاعة إلا أنه لا يمكنهما أن يستوفيا جميعًا فيتقدم أحدهما: على الآخر وذلك لا يقدح في العقد, ألا ترى أنهما لو اشتريا طعامًا من صبرةٍ فإن أحدهما: يقبض قبل الآخر ولا يكون ذلك تأخير التسليم, فإذا ثبت هذا فإن اتفقا على أن يبدأ أحدهما: ركب, وإن اختلفا أقرعنا بينهما لتساوي حقهما, وقال ابن القاص: يجوز اكتراء الحمولة للركوب معينة ومضمونة في الذمة إلا للعقب فإنه لا يجوز إلا مضمونة الذمة وقد ذكره المزني في "الجامع الكبير" تخريجًا على قياس المذهب وهذا اختيار القاضي الطبري لأنه إن اكتراه [١٨٦/ أ] رجلان لا يمكن تسليمه إلا إلى أحدهما وتسليمه إلى الآخر غير ممكن فلا يصح, وإن اكتراه واحدٌ عقبة شرط قطع التسليم في معقود عليه معين وذلك لا يجوز وهذا المعنى موجود أيضًا في اكتراء الاثنين فلم يجز إلا مضمونًا في الذمة وهذا ظاهر صحيح عندي, وقال القفال: يجوز إذا لم يكن الجمل معينًا ويمكن أن يكتري معينًا أيضًا بأن يكترياها معًا من صاحبها من غير شرط العقب ثم يهيئانها بينهما فيركبها هذا يومًا وهذا يومًا وهذا عندي إذا أمكن أن يركبا معًا, فإن لم يكن هكذا فلا يجوز كراءهما للركوب معًا.
فرع آخر
لو دفع رجلٌ إلى سقاء قطعة وأخذ الكوز وشرب منه الماء فوقع الكوز من يده وانكسر يلزمه الضمان لأنه لا يلزمه تسليم الماء في موز نفسه, فإذا أعطاه قائمًا فإنما هو بمنزلة العارية يكون مضمونًا عليه هكذا ذكره القاضي الطبري ويحتمل عندي وجهًا آخر أنه لا يضمن لأن القطعة إنما تجب بدفع عوضًا عن الماء ومنفعة تلك الآنية أيضًا, ولكن إن كان وقوع الكوز بتفريطٍ من جهته مثل دسمٍ كان في يده أو ضعفٍ استمساكه ضمن, وإن كان بصدم إنسانٍ أو بعارضٍ عرض من هدمٍ أو غلبة ريح أو علة اعترضت لا يضمن والله أعلم.
فرع آخر
قال المزني في "المنثور": لو اشترى رجلٌ بيتًا من صاحب الحانوت ودفع المشتري