الماسرجسي عن ابن أبي هريرة أنه قال: القول قول رب الثوب قولًا واحدًا، ولم يحك هؤلاء قولًا ثالثًا في المسألة.
وقال في "الإفصاح": قال الشافعي في موضع آخر: يتحالفان وهذا اصح، وقال القاضي الطبري: ما نقله صاحب "الإفصاح" من "الجامع الكبير" وليس بمذهب الشافعي وإنما ذاك حكايةً عن غيره ولا يصح أيضًا في الاحتجاج ولهذا لم يحك سائر أصحابنا، وقال أبو حامد: نص على قول التحالف في "الإملاء" قال: وفي اختلاف الأجير والمستأجر ردهما إلى أصل السنة أنهما يتحالفان، فإذا تحالفا رد الثوب على صاحبه ولا أجرة للأجير وعليه أرش النقص فالمسألة على قولٍ واحدٍ أنهما يتحالفان وهذا لأنه لما حكي القولين في اختلاف العراقيين قال: وكلاهما مدخول، وكذا حكاه القفال وقيل: صور المسألة في "الإملاء" فيمن دفع ثوبًا إلى صبَّاغ فصبغه أسود فقال رب الثوب: أمرتك بالأحمر.
وقال الصبَّاغ: بل أمرتني بالأسود يتحالفان وعلى الصبَّاغ ما نقص ووجهه أن كل واحدٍ [١٩٤/ ب] منهما مدعٍ ومدعّى عليه لأن صاحب الثوب يدعي على الخياط الأرش وينكر أن يكون له عليه أجرة، والخياط يدعي الأجرة وينكر الأرش فيتحالفان فحصل في المسألة ثلاث طرق أحدها في المسألة قولان على ما ذكره القاضي الطبري وهو الأظهر، والثانية في المسألة ثلاثة أقوال، والثالثة القول قول رب الثوب قولًا واحدًا وهو الأقيس، وقول التحالف لا يصح لأن الاختلاف وقع في الإذن لا في الأجرة والغرم فكان القول قول الآذن، فإذا قلنا: القول قول رب الثوب فإنه يحلف ما أمره بقطعه قباء ولا يحلف لإثبات ما ادعاه من إذنه في القميص.
وقال بعض أصحابنا: ينبغي أن يحلف على النفي والإثبات فيقول: ما أمرته أن يقطعه قباء ولقد أمرته أن يقطعه قميصًا وهذا غير صحيح لأن اليمين على النفي والإثبات بالجمع إنما يكون عند التحالف الذي يصير كل واحد منهما فيه منكرًا ومدعيًا ولا يؤخذ ها هنا، ولأن الغرم وسقوط الأجرة يتعلق بعدم الإذن خاصةً فلا يحتاج إلى إثبات ما أمر به، فإذا حلف رب الثوب لا أجرة للخياط وله استرجاع الخيوط إن كانت له وليس له استرجاعها إن كانت لرب الثوب، وقال ابن أبي هريرة: له الأجرة في القدر الذي يصلح القميص وهذا ليس بشيء لأنه لم يقطعه للقميص، ولو دفع رب الثوب إليه قيمة الخيوط التي لم يجبر على قبولها لأن عين ماله باق فلا يجبر على أخذ قيمته، ولو قال: أشد في طرف الخيط خيطًا آخر حتى إذا جر ذلك الخيط حصل مكانه آخر لم يجبر عليه لأنه عين ماله فلا يجوز أن يصل به شيئًا، فإن تراضيا به جاز ثم على الخياط الضمان وفيما يضمنه قولان أحدهما: يضمن ما بين قيمته مقطوعًا قباءً وقميصًا لأن قطع القميص مأذون فيه فعلى هذا إن كانت قيمته قباءً مثل قيمته قميصًا أو أكثر فلا غرم عليه وهذا اختيار ابن أبي هريرة وعلى هذا ينظر إلى قطع ما يصلح للقميص فلا يضمنه وإلى ما لا يصلح [١٩٥/ أ] للقميص فيضمنه لأن المخالفة حصلت في الزيادة على قطع