للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لو قال رجل للخياط: إن كان يكفيني هذا الثوب قميصًا فاقطعه فقطعه فلم يكفه كان ضامنًا، ولو قال: أيكفيني هذا الثوب قميصًا؟ فقال: نعم قال: اقطعه فقطعه فلم يكفه لم يضمن، والفرق أن اللفظ الأول شرط، والثاني: استفهام فافترقا.

مسألة: قال: "ولو اكترى دابة فحبسهَا قدرُ المسيرِ".

الفصل

وهذا كما قال: إذا اكترى دابةً ليركبها من آمل إلى الرَّى قد ذكرنا أنه يتقرر الأجرة، وهكذا لو عرضها على المكتري فامتنع من الأخذ ومضت لو أراد أن يستوفي المنفعة أمكنه تقررت الأجرة خلافًا لأبي حنيفة، وإن حبسها أكثر من ذلك يلزمه أجر المثل في مقدار ما زاد على مدة المسير أو فيما زاد عليها، فإن كان في مدة المسير لا يضمن لأن حبسها أرفق بها من السير وكدّه ومشقته، وإن كان فيما زاد عليها قال الشافعي: عليه الضمان وأراد به ضمان القيمة.

وقال بعض أصحابنا: لا ضمان عليه في الحالين لأن مدة الإجازة إذا انقضت يكون الشيء في يده على طريق الأمانة ومتى حصل الشيء في يده بإذن صاحبه على طريق الأمانة لا يلزمه حمله إلى صاحبه [١٩٦/ أ] وإنما تجب مؤونة الرد على المكري ويجب على المكتري دفعها إليه إذا طالبه المكري كالوديعة وقول الشافعي: ضمن، أراد به إذا طالبه بالرد فلم يرد، قال في "الحاوي": وهذا مذهب الشافعي ولا وجه لمن خرّج وجهًا آخر من الرهن لأن في الرهن يتغلب نفع المرتهن فجاز أن يجب رده، وفي الإجارة يستويان في النفع فاختص المالك بمؤونة الرد لحق المالك، وقال القاضي الطبري: هذا وإن كان له وجه فهو خلاف مذهب الشافعي الذي نص عليه ها هنا وهذا لأنه يمسكه في مدة الإجارة بإذن صاحبه فهو أمين فإذا انقضت المدة سقط الإذن ولزمه رده عليه ولزمته مؤونة الرد، فإذ لم يفعل ضمن كما لو أطارت الريح بثوب إلى داره تلزمه مؤونة الرد فإن لم يفعل يلزمه الضمان، وكذلك إذا مات وعنده وديعة لزم ورثته الرد والضمان بتركه يوجب مؤونة الرد كما نقول في المستعير وبهذا قال مالك وبالأول قال أبو حنيفة وهو الصحيح عندي، وإذا أطارت الريح ثوبًا في داره يلزمه الإعلام لا الرد ولا المؤونة، وكذلك إذا مات المودع وترك الوديعة يلزم ورثته الإعلام، وذكر القفال هكذا وقال: ليس المذهب على الإطلاق الذي نقله المزني ولا بد فيه من تفصيل فنقول الحبس منقسم، فإن كان بذلك الحبس يمنعها عن صاحبها مع مطالبته إياه بردها صار ضامنًا لقيمتها، فأما إذا حبسها ليردها عند المطالبة لا يضمنها ولا يلزمه ردها ولا مؤونة ردها بل عليه التخلية بينها وبين مالكها إذا جاء يطلبها وهكذا نقول في الأجرة

<<  <  ج: ص:  >  >>