لو استأجر رجلًا ليعلمه بنفسه سورةً وهو لا يحسنها فيه وجهان أحدهما: يصح كما يصح أن يشتري سلعةً بدراهم وهو لا يملكها ثم يحصلها ويسلم، والثاني: لا يصح لأنه عقد على منفعةٍ معينة لا يقدر عليها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب المعلمين فقال: "إن أحق ما أُخذ عليه الأجر كتاب الله".
فرع آخر
لو استأجر دارًا للسكنى جاز أن يطرح فيها المتاع لأن ذلك متعارق في السكنى، ولا يجوز أن يربط فيها الدواب ولا تقصير الثياب ولا يطرح في أصول حيطانها الرماد والتراب لأن ذلك غير متعارف في السكنى، وهل يجوز أن يطرح فيها ما يتسارع إليه النار؟ فيه وجهان أحدهما: لا يجوز لأن النار تنقب الحيطان للوصول إلى ذلك، والثاني: يجوز هو الأظهر لأن ذلك متعارف في سكنى الدار فلا يمنع منه.
فرع آخر
لو استأجر دابةً ليركبها بسرج لا يجوز أن يركبها عريًا لأن ركوبة عريًا أضر، ولو اكتراها ليركبها عريًا لم يجز أن يركبها بسرج لأنه يحمل عليها أكثر ما عقد عليه، ولو اكتراها لحمل المتاع لم يجز أن يركبها لأن الراكب يقعد في موضع والمتاع يتفرق على جنبيه، ولو اكتراها للركوب لم يجز حمل المتاع بقدره لأن الراكب يعين المركوب بحركته بخلاف المتاع.
فرع آخر
لو استأجر عينًا لمنفعةٍ وشرط عليه أن لا يستوفي مثلها أو دونها ولا يستوفيها إلا بنفسه فلا يستوفيها بمن هو مثله أو دونه فيه ثلاثة أوجه أحدها: تبطل الإجارة لأنه شرط ما ينافي موجبها، والثاني: تصح الإجارة والشرط باطل لأنه شرط لا يؤثر في حق [١٩٧/ ب] المؤجر فألغي وبقي العقد على مقتضاه، والثالث: تصح الإجارة والشرط لازم لأن المستأجر يملك المنافع من جهة المؤجر فلا يملك ما لم يرض به.
فرع آخر
لو اختلف المتكاريان في مقدار المنفعة أو في قدر الأجرة تحالفا والحكم فيه ما ذكرنا في البيع، وإذا اختلفا في رد العين فإن قلنا: يضمن لا يقبل قوله في الرد، وإن قلنا: لا يضمن فيه وجهان كما قلنا في الوكيل بجعل، ولو ادعى هلاك العين بعد العمل وأنه يستحق الأجرة فالقول قول المستأجر لأن الأصل عدم البدل.