إسماعيل ابن علية بحديث عمر رضي الله عنه فقال: هذا لا يسع أحد خلافه.
وقال أبو حنيفة: إن حكم الحاكم بالوقف لزم، وإن لم يحكم به لم يلزم، وكان الواقف بالخيار إن شاء باعه أو وهبه، وإن مات ورثه ورثته، وإن أوصى بالوقف يلزم في الثلث قال القاضي: قد ناقض أو حنيفة في هذا؛ لأنه جعل الوقف لازمًا في ثلثه في حال مرضه المخوف إذا أنجزه ولم يؤخره ولا لازمًا من جميع ماله في حال صحته، لأن كل ما لزم في الثلث بوصية لزم فيه في مرضه إذا أنجزه وفي جميع ماله في حال صحته مثل العتق، فإنه إذا أوصى به لزم في ثلثه، وإذا أنجزه في مرضه لزم في ثلثه، وإذا أنجزه في حال صحته لزم في جميع ماله واحتد بأشياء:
أحدهما: ما روي عن ابن عباس قال: لما نزلت سورة النساء وفرض فيها الفرائض رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حبس بعد سورة النساء".
وروي أن عبد الله بن زيد صاحب الأذان جعل حائطًا له صدقة وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأتى أبواه النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله لم يكن لنا عيسى إلا هذا الحائط فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ماتا فورثهما" فدل هذا على أن وقفه إياه لم يخرجه من ملكه، ولو كان قد أخرجه عن ملكه لم يصح الرد على أبويه وروي عن شريح قال: جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحبس.
وروي عن سلمان بن زيد عن أبيه أن رجلًا وقف وقفًا فأبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كان قد لزم لم يصح إبطاله ومن القياس أنه قصد إخراج ماله عن ملكه على وجه الصدقة فوجب أن لا يلزم لمجدد القول.
أصله: صدقة التمليك، لأنه عقد على منفعة فوجب أن لا يزول به الملك عن الرقبة قياسًا على الإجارة، ولأنه لو قال هذه الأرض محرمة لا تورث ولا تباع ولا توهب لم يصر وقفًا ولم يزل ملكه عنها، وقد أتى بصريح معنى الوقف فإذا قال وقفتها أو حبستها أولى أن لا يزول ملكه عنها.
ودليلنا ما روى ابن عمر رضي الله عنه ملك مائة سهم من خيبر اشتراها فلما استجمعها قال: يا رسول الله إني أصبت مالًا لم أصب مالًا قط مثله وقد أردت أن أتقرب به إلى الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم "حبس الأصل وسبل الثمرة" وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إن شئت تصدّقت بها وحبست أصلها" فجعلها عمر على الفقراء، والمساكين، والغزاة في سبيل الله، وفي الرقاب، وابن السبيل، ولا جناح على من ولاها إن أكل منها