للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه إذا وقع في نفسه صدق الرسول أن يقبلها فإذا أخذها من الرسول أو أذن لغلامه في أخذها من الرسول أو قال للرسول ضعها موضعها استقر ملك المهدي إليه الهبة فلو قال المرسل لم أنفذها هدية وكذب الرسول بل أنفذتها وديعة فالقول قوله مع يمينه وهي باقية على ملكه، والهدايا تختص بالمأكولات وما أشبهها والهبات فيما زاد عليها، والعرف في ذلك قوي شاهد وأظهر دليل، فإن كانت الهدية في طرف فإن كان الطرف مما لم تجريه العادة مثل قواصر التمر والفواكه وقوارير ماء الورد والأزهار إذا كانت سقفًا فهي مملوكة مع الهدية لأن العرف لم يجز باسترجاعها، وان كانت الظروف كانت الظروف كالطيافير المدهونة والفضار والزجاج المحكم وما شاكله مما جرى العرف باسترجاعه فهو غير مملوك مع الهدية وللمهدي بعد إرسال الهدية أن يسترجعها ما لم تصل إلى المهدي إليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم رجعت إليه هديته إلى النجاشي قبل وصولها إليه فملكها.

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ويقبض للطفل أبوه، نحل أبو بكر عائشة رضي الله عنهما جداد عشرين وسقا فلما مرض قال: وددت أنك كنت قبضته وهو اليوم مال الوارث. ومنها بعد الوفاة الواصيا وله إبطالها ما لم يمت".

قال في الحاوي: وهذا صحيح تجوز الهبة لكل من صح منه الملك من طفل أو مجنون أو سفيه إلا أن السفيه يصح أن يقبل الهدية، والطفل والمجنون لا يصح منهما قبول الهدية، لأن لقول السفيه حكما وليس لقول الطفل والمجنون حكم وإذا كان هكذا فالقابل للطفل والمجنون وليهما من أب أو وصي أو أمين حاكم وهو القابض لهما بعد. القبول وأما السفيه فهو العائل ووليه هو القابض فإن قبضها السفيه تمت الهبة أيضا، ولو قبضها الطفل والمجنون لم تتم الهبة والفرق بينهما ظاهر فإن كان الواهب للطفل أبوه فهل يحتاج في عقد الهبة إلى لفظ بالبدل والقبول أم لا؟ على وجهين:

أحدهما: لا يحتاج إليه بل ينوبه، لأنه يكون مخاطب نفسه.

والثاني: لا يريد من عقد بالقبول فيبذل من نفسه لابنه بنفسه فيكون في البذل والإقباض نائبا عن نفسه وفي القبول والقبض نائبا عن ابنه فأما أمين الحاكم فلا يصح ذلك منه إلا أن يقبله منه قابل ويقبضه منه قابض، وكذلك وصي الأب وهما معا بخلاف الأب كما خالفاه في بيعه وشرائه.

فصل:

قال الشافعي رحمه الله: ومنها بعد الوفاة الوصايا وله إبطالها ما لم يثبت وهذا صحيح لأن الشافعي قسم العطايا ثلاثة أقسام في الحياة منها قسمان: الوقف والهبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>