إحداهن: أن يقول قد أجرتكما لتزرعها إن شئت أو تغرسها إن شئت فالإجارة صحيحة وهو مخير بين زرعها إن شاء، وبين غرسها، فإن زرع بعضها وغرس بعضها جاز، لأنه لما جاز له غرس الجميع كان غرس البعض أولى بالجواز.
والثانية: أن يقول قد أجرتكها لتزرعها أو تغرسها، فالإجارة باطلة لأنه لم يجعل له الأمرين معًا ولا أحدهما معينًا فصار ما أجره له مجهولًا.
والثالثة: أن يقول قد أجرتكما لتزرعها وتغرسها ففيه وجهان:
أحدهما: وهو مذهب المزني: أن الإجارة باطلة: لأنه لما لم يخيره بين الأمرين وجمع بينهما صار ما يزرع منها ويغرس مجهولا، وهذا قول أبي إسحاق.
والثاني: وهو ظاهر كلام الشافعي، وقاله ابن أبي هريرة أن الإجارة صحيحة، وله أن يزرع النصف، ويغرس النصف لأن جمعه بين الأمرين يقتضي التسوية بينهما، فلو زرع جميعها جاز، لأن زرع النصف المأذون في غرسه أقل ضررًا، ولو غرس جميعها لم يجز: لأن غرس النصف المأذون في زرعه أكثر ضررًا.
قال في الحاوي: وصورتها فيمن استأجر أرضًا ليبني فيها ويغرس فانقضى الأجل، والبناء والغراس قائم في الأرض، فليس له بعد انقضاء الأجل أن يحدث بناء ولا غرسًا، فإن فعل كان متعديًا وأخذ بقلع ما أحدثه بعد الأجل من غرس وبناء فأما القائم في الأرض قبل انقضاء الأجل فلا يخلو حالهما فيه عند العقد من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يشترطها قلعه عند انقضاء المدة فيؤخذ المستأجر بقلع غرسه وبنائه لما تقدم من شرطه، وليس عليه تسوية ما حدث من حفر الأرض لأنه مستحق بالعقد.