وهذا مردود باختلاف المتبايعين لأنهما معًا اختلفا في صفة عقد معاوضة فاقتضى أن يستويا في التحالف.
فإذا اختلفا وفسخ العقد بينهما إما بالتحالف أو بالفسخ الواقع بعد التحالف على ما مضى في البيوع نظر فإن لم يمض من المدة شيء ترادا الكراء والمكرى، وإن مضت المدة التزم المكتري أجرة المثل واسترجع المسمى، وسواء كانت أجرة المثل أقل مما ادعاه المكري أو أكثر لأنها قيمة متلف.
فصل:
وليس لمؤجر الأرض أن يحتبس الأرض على المستأجر على دفع الأجرة، ولا للحمال أن يحبس ما استؤجر على حمله من المتاع ليأخذ الأجرة لأنه في يده أمانة وليس برهن، فأما الصانع المستأجر على عمل من خياطة أو صياغة أو صبغ هل له احتباس ما بيده من العمل على أجرته؟ فيه وجهان.
أحدهما: ليس له ذاك قياسًا على ما ذكرنا.
والثاني: له ذاك: لأن عمله ملك له كالبائع والله أعلم.
قال في الحاوي: قد مضت هذه المسألة في كتاب العارية مستوفاة ولكن نشير إليها لمكان إعادتها، فإذا اختلف رب الأرض وزارعها فقال ربها بأجرة وقال زارعها عارية قال الشافعي رضي الله عنه القول قول رب الأرض دون الزارع وقال في الدابة إذا اختلف ربها والراكب فقال ربها بأجرة وقال راكبها عارية أن القول قول الراكب دون ربها، فاختلف أصحابنا فكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وجمهور أصحابنا ينقلون جواب كل مسألة إلى الأخرى، ويخرجونها على قولين ذكرنا توجيههما. وكان أبو العباس بن سريج يحمل جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهرة، ويجعل القول في الدابة قول راكبها دون ربها، وفي الأرض القول قول ربها دون زارعها اعتبارًا بالعرف في إعارة الدواب وإجارة الأرضين.
فإذا قيل إن القول قول رب الأرض والدابة فمع يمينه وله أجرة المثل فيما مضى