حيطانها ولكن عبأ الأحجار حولهما فذلك تحجير يصير به أولى من غيره وليس بإحياء يصير به مالكاً، وهكذا لو حظر عليها بغضب إلا أن يكون ذلك مكاناً, جرت عادة أهله أن يبنو أوطانهم بالقصب كعيرين بين آجام البطائح فيصير بذلك محيياً اعتباراً بالعرف فيه, وهكذا في بلاد جبلان عرفهم أن يبنوا منازل أوطانهم بالخشب، فيصير بناؤها بذلك إحياء يتم به الملك لعرفهم به وان لم يكن في غير بلادهم إحياء.
فصل
فإن قال: أريد إحيائهما للزرع فلا بدلها من ثلاثة شروط:
أحدهما: أن يجمع تراباً يحيط بها ويميزها عن غيرها، وهو الذي يسميه أهل العراق سناه.
الثاني: أن يسوق الماء إليها إن كانت يبسا من نهر أو بئر، وان كان بطائح حبس الماء عنها، لأن إحياء البطائح يحبس الماء على شروطه.
الثالث: أن يخزنها ليمكن زرعها، والحرث يجمع ويمسح ما استعلا من تطويل ما انخفض، فإن ساق الماء ولم يحرث فقد ملك الماء وحريمه ولم يملك ما تحجر عليه فإذا حدث بعد التحجير وسوق الماء فقد اختلف أصحابنا في كمال الإحياء وحصول الملك على ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو المنصوص في كتاب الأم واختاره أبو إسحاق المروزي أن الإحياء قد كمل الملك قد تم وان لم يزرع ولم يغرس، لأن مثابة الزرع بعد العمارة بمثابة السكنى بعد البناء وليس ذلك شرطاً في الإحياء كذلك الزرع والغرس.
الثاني: وهو المنصوص عليه في هذا الموضع أنه لا يكمل الإحياء ولا يتم الملك إلا بالزرع والغرس بعد الحرث, لأنه من تمام العمارة، ومثابة السكنى بعد البناء بمثابة الحصاد بعد الزرع.
الثالث: وهو قول أبي العباس بن سريج لا يكمل الإحياء ولا يتم الملك إلا بالزرع أو الغرس ثم بالسقي، فما لم يسق لم يكمل بالإحياء، لأن العمارة لم تكمل والوجه الأول أصحهما، فإذا كما الإحياء بما وصفنا واستقر ملك المحيي عليها بما بينا فهي أرض عشر وليست أرض خراج، سواء سقيت بماء العشر أو بماء الخراج, وقال أبو حنيفة فأبو يوسف: إن ساق إليها ماء الخراج وسقاها به فهي أرض خراج، وان ساق إليها ماء العشر فسقاها به فهي أرض عشر، وقال محمد بن الحسن: إن كانت الأرض المحياة على أنهار احتفرتها الأعاجم فهي أرض خراج وان كانت على أنهار أجراها الله تعالى