للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا تحجر أرض موات بإقطاع أو غير إقطاع فقد صار بالحجر عليها أحق الناس بها, لثبوت يده عليها, وله بعد ذلك أربعة أحوال:

أحدهما: أن يأخذ في الإحياء ويسرع في العمارة فلا اعتراض عليه فيها وهو أحق الناس بها حتى يستكمل العمارة ويتم الإحياء, فلو غلب عليها وأكمل المتغلب إحيائها فذلك ضربان:

أحدهما: أن يكون قد تغلب عليها قبل أن يشرع المحيي في عمارتها فيكون ملكاً للمتغلب المحيي دون المحجر.

الثاني: أن يكون قد تغلب عليها بعد أن شرع المحجر في عمارتها وقبل استكمالها فأكمل المتغلب الإحياء وتمم العمارة ففيها وجهان:

أحدهما: أنها ملك للمحجر, لما استقر من ثبوت يده وتقدم عمارته, ويصير المتغلب متطوعاً بنفقته.

والثاني: أنها ملك المتغلب المحيي, لأنه أحدث ما به يتم الإحياء ويستقر الملك.

فصل:

الثانية: أن يوليها المحجر لغيره ويلمها إليه فهذا جائز ويصير الثاني أحق بها من الناس كلهم, لأن الأول قد أقامه فيها مقام نفسه وليست هبة منه وإنما هي تولية وإيثار، وهكذا لو مات المحجر كان وارثه قائماً مقامه في إحيائها وأحق الناس بعده، لأن حقوقه بموته تصير منتقلة إلى ورثته فأما إن جن المحجر فلا حق فيها لورثته، لأن الحي لا يورث ولكن يقوم وليه مقامه في إحيائها للمحجر المجنون لا لنفسه فإن أحياها الولي لنفسه صار كمن غلب على أرض موات قد حجرها إنسان فأحياها فيكون على ما مضى.

فصل:

الثالثة: أن يبيعها المحجر قبل العمارة، ففي جواز بيعه وجهان:

أحدهما: وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي وطائفة أن بيعها جائز, لأنه لما كان أولى بها يداً جاز أن يكون بها أولى بيعاً, وقد أشار الشافعي إلى هذا في كتاب السير:

والثاني: وهو الأظهر من قول الشافعي وما صرح به في جمهور كتبه: أن بيعها لا يجوز، لأنه بالتحجير لم يملك وإنما ملك أن يملك كالشفيع الذي يملك بالشفعة أن يتملك فلم يجز أن يبيع قبل أن يملك، فإذا قيل بجواز البيع على وجه الأول فالثمن لازم للمشتري أحيا أو لم يحيي، فلو أحياها غير المشتري عليها صارت ملكاً للمتغلب

<<  <  ج: ص:  >  >>