قال في الحاوي: وجملة ما لم يملكه من الأرض ضربان: معادن وموات، فأما الموات فقد انقضى حكمه، وأما المعادن فهي البقاع التي أودعها الله عز وجل جواهر الأرض سميت بذلك، لإقامة الجواهر فيها كما قال تعالى:{جَنَّتِ عَدْنٍ} [التوبة: (٧٢)] أي جنات إقامة غير أن المزني أخطأ في نقله فقال ما لا يطلب المنفعة فيه إلا بشيء يجعل فيه غيره وهذه صفة الموات التي لا منفعة فيه إلا أن يجعل فيه غيره من غرس أو زرع أو بناء, فأما المعادن فهي التي بطلت المنفعة فيها لا بشي، يجعل فيه غيره من غرس أو زرع أو بناء, لأن منفعته مخلوقة فيه.
قال في الحاوي: وهذا صحيح والمعادن ضربان: ظاهرة وباطنة، فأما الباطنة فيأتي حكمها فيما بعد، وأما الظاهرة فهو كل ما كان ظاهره في معدنه يؤخذ عفوا على أكمل أحواله كالملح والنفط، والقار والكبريت والموهبا والحجارة فهذه المعادن الظاهرة كلها لا يجوز للإمام أن يقطعها ولا لأحد من المسلمين أن يحجر عليها، والناس كلهم فيها شرع يتساوى فيها لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم, ذكرهم وأنثاهم، مسلمهم وكافرهم، روى ثابت بن سعد عن أبيه عن جده أن أبيض بن حمال استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملح مأرب فأقطعه ثم إن الأقرع بن حابس التميمي قال: يا رسول الله إني قد وردت الملح في الجاهلية وهو بأرض ليس فيها ملح, ومن ورده أخذه، وهو مثل الماء العد بأرض، فاستقال الأبيض من قطيعته الملح، فقال الأبيض قد أقلتك منه على أن تجعله مني صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو منك صدقة وهو مثل الماء العد من ورده أخذه وروت نهيسة عن أبيها أنه قال: يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال الماء, قال: يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح قال: يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال: أن تفعل الخير خيرا لك، وأنه ليس المانع بأحق من الممنوع، فاقتضى أن يكون فيه سواء, وإذا استوي الناس في المعادن الظاهرة فإن أمكن اشتراك له الناس فيه عند الإجماع عليه وإلا تقدم الأسبق فالأسبق فإن تساوى مجيئهم فعلى وجهين: