وضوء عليها بما يخرج من الدم بعد الوضوء فكذلك لا وضوء بالأول، وهذا غلط، لأن الدم الأخير يوجب الوضوء، ولهذا لو انقطع يلزمها تجديد الوضوء ولكنه عفي عنه عند الاتصال للضرورة.
وإذا تقرر هذا الكلام الآن فيما يجب على المستحاضة فعله إذا أرادت صلاة الفرض والحكم فيها ومن به سلسل البول والقيام والريح، وكذلك من به جرح سائل حكمه حكم المستحاضة إلى في الوضوء، فإن خروجه منه لا ينقص الوضوء إلا أن يخرج الدم من أحد السبيلين كدم البواسير ونحو فإنه كالمستحاضة سواء فإن كان الدم يسيرًا بحيث إذا استدخل قطنة [٣٢٩ ب/١] أو خرقة انقطع فعلت ذلك، كأن لم ينقطع به وضعت على رأسن القطنة خرقة واستوثقت وتلجمت، والتلجم: هو أن يشد فرجها بخرقة ويعصبها، ثم يشد في وسطه نكة أو خرقة، ويشد تلك الخرقة التي على وسطها من خلفها وطرفها الثاني من بين يديها.
وقال الشافعي - رضي الله عنه - في موضع: تأخذ خرقة مشقوقة الطرفين فتدخلها بين فخديها كل طرفين منها على فخدها. وهذا ضعيف وما تقدم هو أصح، فإذا فعلت ذلك وصلت فإن لم يقطر منها الدم أجزأها، وإن قطر الدم نظر، فإن كانت قد استوثقت قدر الإمكان والخارج غلبه فلا قضاء عليه لقوله - عليه الصلاة والسلام - في المستحاضة. "صل وإن قطر الدم على الحصير قطرًا" كأن لم يكن استوثقت فعليها إعادة الشد والطهارة والصلاة لأنها مفرطه في ذلك، وهكذا من سلسل البول يسيل إحليله لقطنة يدخلها فيه إن كان يمسك بها، وإن كان لا يمسك عصب رأس ذكره بخرقة ويكفيه، ولا يلزمه إدخال القطنة في إحليله لقول الشافعي - رحمه الله - بعد غسل فرجه وتعصيبه، ولا يجوز أن يعلق قارورة يقطر فيه بوله، لأنه يكون يحمل نجاسة في غير معدتها بلا ضرورة.
فإذا تقرر هذا [٣٣٠ أ/١] ودخل عليها وقت الصلاة فتوضأت رفعت بها الحدث الماضي دون القائم والحادث، ثم يُنظر، فإن صلت عقيب الفراغ من الوضوء صحت الصلاة، وإن أخرت خارج وقت الصلاة زالت طهارتها في حق الفرض وتجوز لها النوافل.
ومن أصحابنا من قال: يجوز لها أداء الفرض كما لو تتيمم للفائتة ثم دخل وقت الفريضة به يجوز له أن يصليها به في أحد الوجهين، وهو اختيار القفال وإن أخرت