وجملة ذلك، أن فرض الصلاة كان قيام الليل نصفه أو أزيد منه ثلثه [١ أ/٢]، أو أنقص من ثلثيه، وهو المراد بقوله تعالى: "نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه" [المزمل: ٣ - ٤]. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي به وطائفة من الذين آمنوا معه.
قال الله تعالى: "إن ربك يعلم أنك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك" [المزمل: ٢٠] معك ثم تاب الله تعالى على عباده وخفف عنهم، فنسخه بعد سنة إلى قيام اليسير من الليل، فقال تعالى: "فاقرؤوا ما تيسر من القرآن" [المزمل: ٢٠]، يعني: فصلوا، فعبر عن الصلاة بالقراءة، لأنها ركن من أركانها، وعبر بالقيام عنها في أول السورة، لأنه ركن منها.
قال ابن عباس رضي الله عنه:«كان بين أول السورة وبين آخرها سنة»، ثم نسخ كله بقوله تعالى: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" [الإسراء: ٧٩]. وقيل: نسخه بالصلوات الخمس واستقر الأمر عليها، وكان ذلك ليلة المعراج قبل الهجرة بسنة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، لم يزد عليها، ولم ينقص بدليل ما روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات فرضهن الله تعالى في اليوم والليلة، فمن أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يفعل ذلك فليس له على الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ".
ثم فرض الصوم بعد الهجرة بثلاث سنين، فكان بين فرض الصلاة والصوم أربع سنين، ثم فرض الحج بعد الهجرة بست سنين، فكان بينه وبين الصوم ثلاث سنين، وفرض الصلاة قبل فرض الصوم، وقيل: بعد فرض الصوم، فإذا تقرر هذا، فاعلم أن الصلوات الخمس مؤقتة، بدليل قوله تعالى:"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا"[النساء: ١٠٣]، أي مكتوبة موقتاً، ثم ذكر الوقت في آيتين ذكراً فيه إجمال، فقال في موضع:"فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون"[الروم: ١٧ - ١٨].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: "سبحان الله" أي: سبحوا الله، ومعناه:"صلوا". فعبر عن الصلاة بالتسبيح، وأراد بقوله:"حين تمسون" صلاة المغرب