للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما مضى من القولين وإن أجرينا عليه حكم الشرك لم يجز أن ينفق عليه من بيت المال إذا كان فقيرًا، لأن ما في بيت المال مصروف في مصالح المسلمين دون المشركين فإن تطوع أحد المسلمين أو من أهل الذمة بالنفقة عليه كان محسنًا لأنها نفس لها حرمة وإن لم يتطوع أحد بالنفقة عليه جمع الإمام أهل الذمة الذين كان المنبوذ بين أظهرهم وجعل نفقته مقسطة عليهم ليكون دينًا لهم إذا ظهر أمره فإن ظهر له أب رجعوا بالنفقة عليه وإن ظهر له سيد رجعوا بها عليه وإن لم يظهر ذلك كانت دينًا عليه يرجعون بها في كسبه إذا بلغ.

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالي:" فإذا أعرب عن نفسه فامتنع من الإسلام لم يبن لي أن أقتله ولا أجبره على الإسلام وإن وجد في مدينة أهل الذمة لا مسلم فيهم فهو ذمي في الظاهر حتى يصف الإسلام بعد البلوغ".

قال في الحاوي: اعلم أن من يجري عليه حكم الإسلام قبل بلوغه على أربعة أقسام:

أحدها: من يجري حكم الإسلام عليه بإسلام أبويه فيصير بإسلامهما مسلمًا. وروى أبو اليزيد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه كما تناقح الإبل من بهيمة جمعاء هل تحسون من جدعاء" قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت وهو صغير، قال: الله أعلم بما كانوا عاملين" [.فمعنى قوله: يولد على الفطرة. يريد على للإقرار بأن الله خالقه، لأن جمع الناس على اختلاف أديانهم يعلمون أن الله خالقهم ثم يهود لليهود أبناءهم وينصر للنصارى أبناءهم أي يعلمونهم ذلك وضرب لهم مثلًا بالإبل إذا أنتجت من بهيمة جمعاء والجمعاء هي السليمة وإنما سميت بذلك لاجتماع السلامة لها في أعضائها فتجدع أنوف نتاجها وتفقأ عيونها فأما إذا أسلم أحد الأبوين فإن كان الأب منهما هو المسلم كان ذلك إسلامًا له وإن أسلمت الأم فذهب الشافعي وأبي حنيفة أن إسلامها إسلام له كالأب وقال مالك: لا يكون إسلام الأم إسلامًا له وهذا خطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يعلو ولا يعلا ولقوله صلى الله عليه وسلم: "فأبواه يهودانه وينصرانه" فجعل اجتماعهما موجبًا لتهوده دون انفرادها، ولأنها لو أسلمت وهي حامل كان ذلك إسلامًا لحملها إذا وضعت كذلك إذا أسلمت بعد الوقع ولأنها أحد الوالدين فصار الطفل بها مسلمة كالأب، فأما استدلاله بالحرية فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>