مقبولاً للأول، وهكذا لو أنكره الثاني فأقر الثالث قبل منه، قال أهل العراق استدلالاً بأنه لو أقر بنسبه لرجل فرد ثم أقرّ بنسبه لغيره جاز، فكذلك إذا أقر برقه لرجل فرد ثم أقرّ به لآخر جاز وهكذا لو أقرّ بدار في يده لرجل فردّ إقراره ثم أقرّ بها لغيره نفذ إقراره، فكذلك في الرق، لأنه لا يخلو من ان يجري مجرى النسب وقد ذكرنا جواز ذلك فيه أو مجرى المال وقد ذكرنا جوازه فيه، وهذا الذي قاله أبو العباس ومن وافقه من أهل العراق خطأ من وجهين:
أحدهما: أن إقراره بالرق للأول إقرار لا رق عليه لغير الأول فإذا رد الأول الإقرار فقد رفع رقه عنه بالإنكار فصار إقراره بالرق إذا رد كالعتق فلم يجز أن يقرّ بعد الرق.
والثاني: أن في الحرية حقَا للهِ تعالى وحق للآدمي فصار أغلظ من حق الله تعالى إذا تجرد من حق الآدمي إذا انفرد فلم يكن لمن جرى حكمه عليه أن يدفعه عن نفسه فأما ما استدل به من إقراره بالنسب فقد كان بعد أصحابنا يضيق عليه الفرق بينهما فيجعل الحكم فيهما سواء ويقول إذا رد إقراره بالنسب لم أقبله إذا أقر به من بعد كما لو رد في العتق لم أقبله من بعد وذهب سائر أصحابنا إلى أنه يقبل في النسب ولا يقبل في الرق والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن إنكاره الرق يقتضي أن لا رق وليس إنكاره للنسب موجبًا لرفع النسب.
والثاني: أن من أنكر شيئَا أقرّ به قبل ومن أنكر الرق ثم أقرّ به لم يقبل منه، وأما الإقرار بالدار فإذا ردّه المقرّ له لم يقبل إقرار المقر بها لغيره وإنما جعل الثاني أحق بها من حيث إنه لا منازع له فيها ولابد لكل ملك من مالك وليس كذلك اللقيط، لأنه قد يكون حرًا وليس له مالك.
فصل: فإذا تقرر ما وصفنا قيل للثاني إن أقمت البينة على رقه حكم لك به، لأن البينة توجب رقه وإن كان معترفًا بالرية فكانت بإثبات رقه في هذه الحال أولى.
فصل: ولو أن لقيطًا أقرّ بالبنوة لرجل ثم أقرّ بالرق بعده لآخر قبلنا إقراره لهما بالبنوة والرق، لأنه ليس يمتنع أن يكون ابنًا لزيد وعبدًا لعمرو ولو ابتدأ فأقر بالرق لرجل ثم أقرّ بعده بالبنوة لآخر نفذ إقراره بالرق المتقدم فلم ينفذ بالبنوة المتأخرة، لأن العبد لا يقبل إقراره بأب بتصديق السيد لما فيه من إبطال الإرث بالولاء وليس كذلك إذا قدم الإقرار بالأب ثم أقرّ بعده بالرق.
فصل: وإذا تنازع الرجلان طفلاً وادعاه كل واحد منهما ابنًا ثم سلمه أحدهما إلى الآخر واعترف بأبوته فإن كان تنازعهما في نسبه لإشتراكهما في الفراش لم يقبل تسليمه