وقال صلى الله عليه وسلم: "أفرضكم زيد "فاختلف الناس في تأويله على أقاويل:
أحدها: أنه قال ذلك حثًا لجماعتهم على مناقشة والرغبة فيه كرغبته؛، لأن زيدًا كان منقطعًا إلى الفرائض بخلاف غيره.
والثاني: أنه قال له ذلك تشريفًا وإن شاركه عيره فيه كما قال أقرؤكم أبي، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ، وأصدقكم لهجة أبو ذر، وأقضاكم علي ومعلوم أن أعرف الناس هو أعرفهم بالفرائض وبالحلال والحرام، لأن ذلك من جملة القضاء.
والثالث: أنه أشار بذلك إلى جماعة من الصحابة كان أفرضهم زيد، ولو كان ذلك على عموم جماعتهم لما استجاز أحد منهم مخالفته.
والرابع: أنه أراد بذلك أنه أشد منهم عناية به، وحرصًا به، وسؤالاً عنه.
والخامس: أنه قال ذلك؛، لأنه كان اصحبهم حسابًا، وأسرعهم جوابًا، ولأجل ما ذكرناه من هذه المعاني أخذ الشافعي في الفرائض بقول زيد.
فصل: إذا وضح ما ذكرنا فالميراث مستحق بنسب وسبب، فالنسب الإبوة والبنوة ما تفرع عليها، ولسبب نكاح وولاء.
والوارثون من الرجال عشرة: الابن وابن الابن وإن سفل، والأب والجد وإن علا، والأخ وابن الأخ، والعم وابن العم، والزوج ومولى النعمة، ومن لا يسقط منم بحال ثلاثة: الابن والأب والزوج.
والوارثات من النساء سبع: البت وبنت الابن وإن سفلت، والأم والجدة وإن علت، والأخت والزوجة ومولاة النعمة، ومن لا يسقط منهن بحال ثلاث: الأم والبنت والزوجة.
وأما من لا يرث بحال فسبعة: العبد، والمدبر، والمكاتب، وأم الولد، وقاتل العمد، والمرتد، وأهل ملتين، وسنذكر في نظم الكتاب ما يتعلق من خلاف وحكم.
فصل: والورثة على أربعة أقسام:
أحدها: من يأخذ بالتعصيب وحده فلا يثبت لهم فرض ولا يتقدر لهم سهم، وهم البنون وبنوهم، والأعمام وبنوهم، فإن انفردوا بالتركة أخذوا جميعًا، وإن شاركهم ذو فرض أخذوا ما بقي بعده، ولا تعول فريضة يرثون فيها.
والثاني: من يأخذ بالفرض وحده وهم خمسة: الزوج والزوجة والأم والجدة والإخوة للأم.
والثالث: من يأخذ بالقرض تارة وبالتعصيب أخرى وهم ثلاثة أصناف: بنات الصلب، وبنات الابن، والأخوات، يأخذن بالفرض إذا انفردن وبالتعصيب إذا شاركهم الإخوة.
والرابع: من يأخذ بالفرض تارة، وبالتعصب تارة أخرى، وبهما في الثالثة وهم