تعالى:{وإن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ولَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}[النِّسَاء:١٢] وقد كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقرأ وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس، وهذا يجوز أن يكون قاله تفسيرًا، ويحتمل أن يكون تلاوة، وقد أجمعوا على أنهم الإخوة والأخوات من الأم، لأن الله تعالى قال:{فَإن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}[النِّسَاء:١٢]
فرع: وأما الكلالة لقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تكفيك آية الصيف يعني: قوله في آخر سورة النساء: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ}[النِّساء: ١٧٦]، لأنها نزلت في يوم صائف فلم يفهمها عمر وقال لحفصة رضي الله عنهما: إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس فاسأليه، فرأت منه طيب نفس فسألته عنها فقال لها: أبوك كتب لك هذا ما أرى أباك يعلمها أبدًا، فكان عمر يقول: ما أراني أعلمها أبدًا. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ثلاث، لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ من الدنيا وما فيها الكلالة والخلافة والرب، وإنما لم يزده النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الكلالة، لأن في الآية من الإشارة ما يكتفي به المجتهد، وقد كان عمر رضي الله عنه من أهل الاجتهاد، وإن قصر عن إدراكه لعارض، وقد اختلف في الكلالة فروي عن ابن عباس في إحدى الروايتين عنه أن الكلالة ما دون الولد تعلقًا بقوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ ولَدٌ}[النِّسَاء: ١٧٦] وقال قوم: الكلالة ولد الأم تعلقًا بقوله تعالى: {وإن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ولَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ}[النِّسَاء:١٢]، يعني في أم فاقتضى أن يكون هو الكلالة.
وقال الجمهور: إن الكلالة ما عدا الولد والوالد، وهذا قول أبي بكر وعلي وزيد وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك ووجه ذلك أن ولد الأم لما سقطوا مع الولد لسقوطهم مع الولد دل على أن الكلالة من عدا الوالد والولد وقد ذكر أبو إسحاق المروزي في شرحه عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأخ من الأب والأم أولى من الكلالة"، ولأن الكلالة مصدر من تكلل النسب تشبيهًا بتكلل أغصان الشجرة على عمودها فالوالد أصلها والولد فرعها من سواهما من المناسبين كالأغصان المتكللة عليها وقيل: إن الكلالة من تكلل طرفاه فخلا عن الآباء والأبناء، وقيل: إن الكلالة مأخوذة من الإحاطة ومنه سمي الإكليل لإحاطته بالرأس فسمي هؤلاء كلالة لإحاطتهم بالطرفين، وقد قال الفرزدق في سليمان بن عبد الملك في وصول الخلافة إليهم عن آبائهم لا عن غيرهم: